"مع الشعب لا تلعب، مصمِّماً أنك ستغلب، معتقدا نفسك الأقدر والأكبر وسواك مهما وصل تعدادهم بالملايين سرب ذباب. مصيبتك في تجاهلك الانتساب، لصنف البشر المُصاب، مهما رفعتْكَ الدنيا منصباً ساميا تذَكَّر أنها ستغطي جسدكَ بالتراب. إنها الجزائر.. أتدرك حقا ما هي ؟ أم توهَّمْتََ قامتكَ أهم ومقامكَ أعظم .. قدميك يدسان قصر المرادية ورأسك يلامس السحاب . بالتأكيد ستفهم قصدي إن أجبتََ على سؤالي : لماذا خُلِقَ ذكر الطاووس أجمل من أنثاه وأرقَّ وأطيب ؟؟؟." ... كان ذلك مجرد فقرة من حوار تضمنه مشهد من الحلقة الأولى لمسلسل " السنبلة الحمراء" كعمل إنتاجي ضخم عزمتُ تقديمه للإذاعة والتلفزة الجزائرية قبل شهر أكتوبر من سنة 1975 بعد النجاح الباهر الذي عرفه مسلسل "الشيطان" (من تأليفي وإخراج الفنان التونسي الكيطاري) الذي شكل نقلة جديدة في تاريخ الدراما الإذاعية بالجمهورية الجزائرية بشهادة النقاد وأدباء معترف لهم بالكفاءة الفكرية مثل صديقي الراحل "كاتب ياسين"، مؤلف المسرحية الشهيرة " محمد خذ حقيبتك" باللغة الفرنسية . ... تنبأتُ بما جاء حوارا متبادلا مع عشرات المتقمصين أدوار المسلسل الحامل نفس الاسم "السنبلة الحمراء" ، بما يعايشه عبد العزيز بوتفليقة الآن، بتقارب في الإحداث وتوافق في جل المواقف المُعمَّمة على مراحل كسياسات خاضها نظام الحكم ، مما أثار اندهاشي وأعادني لتلك الأيام التي كان العسكر يتوسعون في نفوذهم محتضنين بعض الأسماء ليكون أصحابها معرضين للظهور كواجهة بينما الجنرالات أصدقاء بومدين (ومن بعده آخرين على قلتهم) يتحكمون في كل شيء، من بين تلك الأسماء ظل "بوتفليقة" التلميذ المدلل المنسجم مع الطاعة العمياء المتدرج مع خطة طويلة الأمد ينهيها باكتشاف تورطه في كل ما حل بالشعب الجزائري من مصائب اقتصادية كانت أو اجتماعية . معتمدا على الغرب الجزائري وعاصمته "وهران" في تكوين جدار يقيه ساعة الشعور بالانهيار، مادام يعلم أن الجزائر شريفة لا يدوم صبرها إلى الأبد، لكن الأقدار تعينها على الاطلاع إن كانت سائرة على الطريق الأقوم أم عليها أن تراجع ذاتها وتزيح عن طريقها من أعاشها لعقود في ألعن وََهْم .