اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الخميس، بانتخاب رئيس جديد للمجلس الشعبي الوطني في ظل تشبث سعيد بوحجة بموقفه ورفضه الاستسلام حيث لايزال يقدم نفسه على أنه الرئيس الشرعي للغرفة السفلى للبرلمان. وتطرقت الصحف إلى موضوع عزل رئيس المجلس الشعبي الوطني، سعيد بوحجة، أمس الأربعاء، من قبل أحزاب الأغلبية وتعيين خلف له، النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، معاذ بوشارب، معتبرة أن هذه الحلقة قد تشهد تصعيدا جديدا. وتساءلت صحيفة (الوطن)، في افتتاحيتها بعنوان "التغيير في ظل الاستمرارية" عما إذا كانت الأزمة قد انتهت بصفة نهائية، بعد أن أصبح للمجلس الشعبي الوطني رئيس جديد، بعد المتاهات التي شهدتها ردهاته، مع مشاهد السلاسل والأقفال التي وضعت على بوابته الرئيسية لمنع بوحجة من الدخول إليه. ويرى صاحب الافتتاحية أن انتخاب رئيس جديد لم يحل الأزمة العميقة التي هزت المجلس الشعبي الوطني، ممثلة في احترام الدستور والقرارات المتعلقة بالتغييرات المؤسساتية. من جهتها، لاحظت صحيفة (ليبيرتي) أن نواب الأغلبية البرلمانية انتخبوا رئيسا جديدا للمجلس الشعبي الوطني، في حين أن الرئيس سعيد بوحجة، الذي انتخب منذ سنة ونصف، لم يقدم استقالته. وكتبت الصحيفة، في افتتاحيتها بعنوان "خطوة نحو الأسوأ"، أن ذلك سيفرز مجلسا شعبيا وطنيا برئيس منبثق عن "الأمر الواقع" ورئيس شرعي، بل وحتى جمعيتين داخل جمعية واحدة، بما أن المعارضة البرلمانية، المؤيدة للشرعية واحترام القوانين، تقف بالضرورة إلى جانب بوحجة. وأوضحت أن عواقب هذه الثنائية لن تقتصر على النشاط البرلماني فقط، وإنما ستشمل الحياة السياسية بالبلاد، خاصة وأنها توضح أكثر أن ما يجري في المجلس الشعبي الوطني ليس أزمة، وإنما تمظهرا لأعراضها، فالصراع الحقيقي تدور رحاه خارج المجلس، في مستوى أعلى من الغرفة السفلى للبرلمان وبمشاركة فاعلين لهم القدرة على التأثير في توازنات الحكم. وتحت عنوان "المجلس الشعبي الوطني يغير رئيسه"، كشفت صحيفة (ليكسبريسيون) أن جلسة التصويت، التي جرت أمس، كانت إذن الحلقة الأخيرة لإنهاء مسلسل بوحجة، الذي حظي بإعجاب الشغوفين بالسياسة، مسجلة أن المجلس الشعبي الوطني غير رئيسه بعد 18 شهرا من بداية الولاية التشريعية الثامنة. وأضافت الصحيفة أنه بعد ثلاثة أسابيع من الانسداد، بدأت المؤسسة البرلمانية تخرج أخيرا من النفق، عبر تحررها من المأزق الذي كانت تعيشه، مبرزة أن التحالف حقق نصرا بطرد الرئيس المعترض عليه من منصبه، في سيناريو يبقى فريدا من نوعه في تاريخ المجلس الشعبي الوطني، والذي يأتي على بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية لأبريل 2019. من جانبها، كتبت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) الالكترونية أن البرلمان الجزائري يوجد، اعتبارا من 24 أكتوبر، في وضع غير مسبوق، مبرزة أن نواب الأغلبية الذين يطالبون، منذ نهاية شهر شتنبر، برحيل رئيس الغرفة السفلى، انتخبوا معاذ بوشارب، في حين أن سعيد بوحجة يرفض الاستسلام وما زال يقدم نفسه على أنه الرئيس الشرعي. وقد نُسجت العديد من القصص و قدمت فرضيات كثيرة عن جذور هذه الأزمة غير المسبوقة في تاريخ البرلمان الجزائري، حيث تم التكهن بأسباب جعلت بوحجة منزعجا جدا منها، مثل الاجتماع الذي كان سيعقد في فرنسا مع مولود حمروش، وهو اتهام مباشر بالتآمر ضد العهدة الخامسة. وبينما بلغت الأزمة أوجها تواصل رئاسة الجمهورية صمتها مفضلة عدم التدخل علانية، بدعوى مبدأ الفصل بين السلطات، رغم الطلبات المتكررة من بوحجة. وفي يوم 7 أكتوبر الجاري دعا زعماء حزب جبهة التحرير الوطنية والتجمع الوطني الديمقراطي صراحة السعيد بوحجة للمغادرة بكرامة، غير أن بوحجة ، الذي سلط الضوء على صفته مجاهدا، ظل متمسكا بموقفه، كما لقي مساندة من طرف منظمة المجاهدين ومنظمة المحكوم عليهم بالإعدام. وفي 16 أكتوبر، صعد معارضو بوحجة من لهجتهم، بغلق المدخل الرئيسي للبرلمان، وهو ما منع بوحجة من دخول مكتبه الى غاية الآن، وكانت صور غلق البوابة الرئيسية للبرلمان بالسلاسل قد أثارت الرأي العام وكانت محل انتقاد وحديث طويل لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي. وفي يوم الأربعاء 17 أكتوبر، اجتمع مكتب المجلس، ليقرر شغور منصب رئاسة المجلس الشعبي الوطني، على الرغم من أنه لا توجد أي حالة من الحالات المنصوص عليها دستوريا (الوفاة، أو الاستقالة، أو العجز أو عدم التوافق). وفي يوم الاثنين 22 أكتوبر، تقرر عقد جلسة علنية يوم الأربعاء 24 أكتوبر كي يتم التصويت على الرئيس الجديد، الذي رشحته جبهة التحرير الوطني ونال مساندة أحزاب الأغلبية، وهو ما تم بالفعل حيث انتخب رشيد بوشارب رئيسا جديدا بموازاة تشبث سعيد ويحجة برئاسة الغرفة السفلى وهي سابقة أولى لم يعرفها تاريخ البرلمان بالجزائر..