شكل ترأس جلالة الملك محمد السادس حفل تقديم الحصيلة المرحلية والبرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين، حدثا مهما، يحمل معه عدة دلالات: أولها: الاهتمام الملكي بقضية التربية و التكوين كقضية وطنية تحتاج إلى التعبئة الشاملة قبل الحكومة والبرلمان والنقابات التعليمية وكافة الشركاء من مهنيي هذا القطاع. ثانيها: أن هذا الحدث يأتي في فترة حساسة يمر منها قطاع التعليم ببلادنا، إذ عرفت الساحة السياسية و الحياة العامة توترا شديدا ونقاشا حادا بسبب محاولة إدخال عبارات من الدارجة في المقررات الدراسية، و بالتالي فإن ترأس الملك الحفل المذكور هو إشارة لإنهاء النقاش و الحسم في الموضوع بطريقة غير مباشرة يعدم اعتماد الدارجة . ثالثها: هذا الحدث يعزز التوجيهات الملكية المتضمنة في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 19 لعيد العرش يوم 30 يوليوز 2018 وكذا الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 65 لثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 2018 ، حيث دعا جلالة الملك في هذين الخطابين الحكومة وكافة الفاعلين المعنيين إلى إجراء إعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية للدعم والحماية الاجتماعية، والسهر على ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين وحاجيات الشغل، بهدف التقليص من معدل البطالة، خاصة في صفوف الشباب. هذا مع العلم أن جلالة الملك أفرد حيزا هاما لقضية إصلاح التعليم والمدرسة العمومية، في أغلب خطاباته ، مبرزا، في كل مرة، أن انخراط الشباب في الخيار الديمقراطي للبلاد يظل رهينا بمدى تأهيله واستشرافه للمستقبل، وهذا يحيلنا، على المنظومة التربوية وقدرتها على تكوين الأجيال الصاعدة، وإعدادها للمساهمة في المسار التنموي الديمقراطي للمجتمع. ثم لا ننسى أن جلالة الملك سبق له في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب سنة 2012، أن شدد على أنه يتعين الانكباب الجاد على المنظومة التربوية التي تسائلنا اليوم، إذ لا ينبغي أن تضمن فقط حق الولوج العادل والمُنصف القائم على المساواة إلى المدرسة والجامعة لجميع أبنائنا، وإنما يتعين أن تخولهم أيضا الحق في الاستفادة في تعليم موفور الجدوى والجاذبية، وملائم للحياة التي تنتظرهم. كما ينبغي على المنظومة التربوية في بلادنا أن تهدف إلى تطوير ملكات الشباب واستثمار طاقاتهم الإبداعية وتنمية شخصياتهم للنهوض بواجبات المواطنة في مناخ من الكرامة وتكافؤ الفرص.