حل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، بالجزائر في أول زيارة رسمية له لن تدوم أكثر من 12 ساعة، حسب العديد من المصادر الصحفية الفرنسية والجزائرية. زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، التي أثارت العديد من ردود الفعل والتي لا ترقى إلى مستوى زيارة دولة، كشفت أن حالة الرئيس بوتفليقة الصحية متأزمة وأن الوضع لا يحتمل مزيدا من الانتظار لتفعيل المادة 102 من الدستور(المادة 88 من الدستور الجزائري قبل التعديلات الأخيرة)، والتي تنص في فقرتها الأولى على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع". فخلال وصوله إلى الجزائر العاصمة، وجد ماكرون في استقباله رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، على غير عادة الرؤساء والضيوف الأجانب الذين يقومون بزيارات إلى الجارة الشرقية، حيث يتكلف الوزير الأول الجزائري أو وزير الشؤون الخارجية أو أحد أعضاء الحكومة باستقبال ضيوف الجزائر عوض الرئيس بوتفليقة، الذي يعيش منذ سنوات في حالة تمنعه من ممارسة مهامه الرئاسية .. ويمكن تأويل هذا الإجراء، بالقول إن النظام الجزائري يريد منح زيارة الرئيس الفرنسي صبغة زيارة دولة، مادام بوتفليقة هو الذي دعاه للقيام بهذه الزيارة حسب بلاغ لديوان الرئاسة الجزائرية، ومن تم فإن استقباله من طرف رئيس مجلس الأمة، هو رفع من قيمة الزيارة بالنظر إلى أن رئيس مجلس الأمة هو الشخصية الثانية في تسلسل الهرم السياسي بالجزائر.. إلا أن بعض الملاحظين، يرون أن هذا الإجراء يكشف بالملموس أن بوتفليقة لم يعد يستطيع ممارسة المهام المخولة له دستوريا، وهو اعتراف من طرف النافذين في السلطة بالأمر الواقع، وبالتالي فإن أمر تعويضه يؤول بالضرورة إلى رئيس مجلس الأمة، حسب ما ينص عليه الدستور الجزائري في مادته 102، التي لطالما طالب العديد من الجزائريين وعلى رأسهم سياسيون ومثقفون ورؤساء أحزاب سياسية، بتطبيقها، إلا أن الماسكين بزمام الأمور كانوا دائما يرفضون هذا الأمر ويدعون أن سيادة الرئيس يتمتع بصحة جيدة، بل إنهم يعمدون إلى عمليات إخراج هوليودية لإبراز الرئيس بوتفليقة أمام الكاميرات في أبهى صحته، عبر إخضاعه لعمليات "مايك آب" واختيار زوايا التقاط الصور بالإضافة إلى الاكسيسوارات المرافقة لذلك، من ميكروفونات خفية ومرئية لتكبير صوت بوتفليقة.. ما وقع اليوم إبان استقبال ماكرون، وخلال جلوسه جنبا إلى جنب مع رئيس مجلس الأمّة داخل القاعة الشرفية بمطار هواري بومدين، بحضور الوزير الأول احمد أويحيى وقائد الجيش قايد صالح، اللذين لوحظ عليهما نوع من الإحراج وهما ينظران إلى عبد القادر بن صالح وهو يتباحث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، (ما وقع اليوم) يؤكد بالملموس أن الرئيس بوتفليقة لم يعد مؤهلا لممارسة مهامه الدستورية، وبالتالي فإن تطبيق فقرات المادة 102 من دستور الجزائر ليست إلا مسألة وقت فقط، مادامت زيارة ماكرون قد كشفت "المستور" الذي لم يعد خفيا منذ زمان.. تنص المادة 102 من الدستور الجزائري المعدل على أنه: "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع. يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي (2/3) أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمّة الّذي يمارس صلاحيّاته مع مراعاة أحكام المادّة 104 من الدّستور. وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين (45) يوما، يُعلَن الشّغور بالاستقالة وجوبا حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادّة. في حالة استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا ويُثبِت الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة. وتُبلّغ فورا شهادة التّصريح بالشّغور النّهائيّ إلى البرلمان الّذي يجتمع وجوبا. يتولّى رئيس مجلس الأمّة مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظّم خلالها انتخابات رئاسيّة. ولا يَحِقّ لرئيس الدّولة المعيّن بهذه الطّريقة أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة. وإذا اقترنت استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمّة لأيّ سبب كان، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، ويثبت بالإجماع الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة وحصول المانع لرئيس مجلس الأمّة. وفي هذه الحالة، يتولّى رئيس المجلس الدّستوريّ مهام رئيس الدّولة. يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشّروط المحدّدة في الفقرات السّابقة وفي المادّة 104من الدّستور. ولا يمكنه أن يترشّح لرئاسة الجمهوريّة."