ما تشهده الجزائر اليوم من فوضى وصدامات عنيفة بين المواطنين ورجال الأمن والعسكر الحاكم ليس فجائيا ولكن كان منتظرا منذ أن صادق البرلمان على قانون المالية الجديد منتصف الشهر الماضي، حيث أقر حزمة من السياسات التقشفية، تبدأ بالتخلي عن نظام الرعاية الاجتماعية، وهو نظام نهجه العسكر بديلا عن الاستثمار من أجل إسكات الشعب، ولا تنتهي عند زيادات صاروخية في الضرائب تولد عنها زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية. ففي اليوم الأول من السنة الجارية شهدت الجزائر حملة غير مراقبة للزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية والتي تسابق إليها المصنعون والتجار مع الدقيقة الأولى من العام الجديد، بحجة مواكبة الرفع من الرسم على القيمة المضافة "TVA" بنسبة 2 بالمائة حيث انتقلت من 17 إلى 19 بالمائة، ليجد المواطنون أنفسهم في مواجهة زيادات هامة تتراوح ما بين 5 د.ج و20 د.ج على المنتوجات الغذائية، في حين شهدت الأدوات الكهرومنزلية زيادات تراوحت ما بين 300دج ومليون سنتيم، وأكبر نسبة في الزيادات شهدتها السيارات ب25 مليونا، حسب مصادر إعلامية محلية.
قد يوحي البعض إن جشع التجار هو الذي يقف وراء الفوضى أو بعض القوى الأجنبية، لكن الواقع لا يرتفع، لأن لجوء المصنعين والتجار للزيادات كان ضروريا للانسجام مع ما أقرته الحكومة من ضرائب جديدة وبزيادات مرتفعة وخطيرة.
وصدمت الزيادات المواطنين، فعلى سبيل المثال عُلبة "ياورت" التي كانت تباع ب15 د.ج بات سعرها 20د.ج، وعلبة جبن ب90 د.ج بات سعرها 100د.ج، وحتى المواد المدعمة شهدت ارتفاعا غير مبرر على غرار السميد الذي ارتفع سعره من 60 إلى 70 د.ج، ناهيك عن المعجنات ومشتقات الحليب والحلويات التي شهدت بدورها ارتفاعا محسوسا في الأسعار.
وتحاول الحكومة، الواجهة المدنية للنظام العسكري، أن تحمل المسؤولية كاملة للتجار ناسية أن الزيادات أساسها الضرائب التي ارتفعت بشكل جنوني، حيث لجأ النظام العسكري إلى الضرائب لملأ الخزينة التي تم إفراغها نتيجة السياسات الكارثية وطنيا وإقليميا، لكن تم ملأ الشوارع بالفوضى التي لا يعرف إلا الله مداها.