اضطر عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، للخروج من عزلته السياسية التي دخلها منذ مغادرته قيادة الحزب، وذلك للرد على مزاعم حميد شباط، الامين العام الحالي، التي ادعى فيها أن تشكيل حكومة بنكيران الأولى تم عن طريق تدخل فؤاد عالي الهمة وزليخة نصري، مستشارا جلالة الملك، وأنهما فرضا لائحة المستوزرين ضمن الفريق الاستقلالي، وهو ما يعني أن الحزب كان فاقدا لاستقلال قراره السياسي. عندما تقرأ بيان عباس الفاسي تتبين إلى أي مدى وصل الانحطاط داخل حزب الاستقلال، حيث أن كلام حميد شباط يعتبر إساءة للحزب قبل غيره، لأن مزاعم زعيم الاستقلال الحالي تفيد أن الحزب كان مجرد دمية يتم التلاعب بها من قبل الآخرين، وان الحزب كان مفعولا به فقط، وهي إهانة لتاريخ حزب عمره ثمانون عاما.
عباس الفاسي كان واضحا، ويعرف بأي صفة يتحدث، فعندما كان شباط في معمل لتركيب قطع غيار الدراجات النارية كان عباس الفاسي وزيرا للتشغيل والتكوين المهني ومارس السفارة قبل ان يصبح امينا عاما تم وزيرا أول في ظرف سياسي دقيق، واستطاع تحمل المسؤولية الكاملة في تدبير الشأن العام، رغم أن الظروف الاقتصادية لم تكن مواتية.
بيان عباس الفاسي هو تسفيه لمزاعم حميد شباط لأن الحزب استطاع في حكومة بنكيران الحصول على مناصب مهمة، ويكفي النظر إلى نوعية الوزارات لتفنيد ادعاءات "التدخل"، حيث لا يمكن لحزب مغلوب على أمره وملعوب به ان يحصل على تدبير قطاعات إستراتيجية داخل الحكومة، وهو ما يعني أن خروج الحزب من الحكومة، عقب انتخاب شباط امينا عاما، لم تمليه مصلحة حقيقية وإنما أملته خيارات شخصية لشباط والمحيطين به.
مشكلة شباط تكمن في كونه أراد القطع مع كل ما سبقه لاعتبارات تتعلق به هو شخصيا، ولهذا أراد طرد كل من له علاقة بماضي الحزب، والتخلي عن أطره الكبيرة التي اشتغلت في الدولة لفائدة مجموعة من الأشخاص الذين جاؤوا للحزب واضعين نصب أعينهم مجموعة من المصالح.