يؤكد فشل الامين العام للحزب الشعبي الاسباني ماريانو راخوي في مناسبتين اثنتين هذا الأسبوع في الحصول على ثقة البرلمان، استمرار المأزق السياسي الذي يدوم منذ أكثر من ثمانية أشهر في إسبانيا، الأمر الذي يحيل الى امكانية تنظيم انتخابات برلمانية ثالثة في سنة واحدة. وكانت نتيجة التصويت الثاني لمنح الثقة الذي عقد أمس الجمعة مطابقة لنتيجة التصويت الاول الذي نظم يوم الاربعاء الماضي بحيث لم يحصل زعيم الحزب الشعبي في الحالتين سوى على 170 صوتا مؤيدا، بينما صوت 180 نائبا ضد ترشيحه.
ويذكرنا الفشل الذي مني به راخوي، بالسيناريو الذي عاشه الأمين العام للحزب الاشتراكي الإسباني، بيدرو سانشيث، الذي لم يتمكن بدوره من الحصول على ثقة مجلس النواب لتولي رئاسة الحكومة بعد انتخابات 20 دجنبر من العام الماضي.
والواقع أن زعيم الاشتراكيين، بيدرو سانشيث، لم يستسلم ، وأصر خلال المناقشات الاخيرة على الرفض المطلق لتنصيب زعيم الحزب الشعبي كرئيس للحكومة الجديدة .
وقال راخوي موجها كلامه لسانشيث " إذا كنت مصرا على سياستك القائمة على الرفض ، فالتسمح على الأقل بتشكيل حكومة في إسبانيا" ، كما اتهمه باستخدام " الذرائع المعتادة من أجل إخفاء الرغبة في تنظيم انتخابات جديدة ".
وعلى الرغم من أن الزعيم الاشتراكي ألمح إلى أنه قد يسعى الى إبرام اتفاقيات بشأن تشكيل الحكومة مع حزب سيودادانوس (يمين وسط) وحزب بوديموس (أقصى اليسار) بعد فشل تنصيب راخوي، فإن المهمة معقدة للغاية ، نظرا للخلافات في التوجهات السياسية للأحزاب الثلاثة في ما يتعلق بالقضايا الحساسة، وخصوصا قضية استقلال إقليمكاطالونيا. ويجر فشل تنصيب مرشح الحزب الشعبي، المؤسسات والقوى السياسية الإسبانية الى التفكير في المبادرات الواجب اتخاذها خلال الشهرين المقبلين، وهو الموعد النهائي الذي حدده الدستور، وذلك قبل إجراء انتخابات جديدة في حال عدم وجود بديل عن ذلك.
وإذا كانت الأحزاب السياسية الاسبانية تجمع على أنها تريد تجنب ثالث انتخابات في عام واحد، وهو ما يشكل رقما قياسيا عالميا، فإنها تبدو عاجزة حتى الآن عن التوصل إلى اتفاقيات تجنب مثل هذا الاحتمال. وإذا مرت شهرين التي حددها الدستور دون أن ينجح أي مرشح في الحصول على ثقة البرلمان، فإن العاهل الاسباني سيعلن حل مجلسي البرلمان ، والدعوة إلى انتخابات جديدة، وهو الأمر الذي سيخلق وضعا غير مسبوق في البلاد.
وقد أحالت رئيسة مجلس النواب، آنا باستور، نتائج التصويت على منح الثقة ، الاول والثاني ، على ملك إسبانيا الذي سيستقبلها بعد غد الاثنين ، وربما سوف يتم عقب ذلك الاعلان عن إجراء المزيد من المشاورات مع الاحزاب.
ويرى المراقبون للمشهد السياسي الإسباني، أن العاهل الاسباني سوف يؤجل لبعض الوقت عقد مشاورات جديدة ، على أن يدعو لها بعد تنظيم الانتخابات الإقليمية في بلاد الباسك وغاليسيا المرتقبة في 25 شتنبر.
من جهة أخرى، يبدو إن الاسبان سئموا من الجمود السياسي الذي دام أكثر من اللازم ، والذي قد يكون له تأثير سلبي على الانتعاش الاقتصادي، الذي بدأ سنة 2013 بعد أزمة اقتصادية حادة. والخلاصة هي أن نهاية نظام الحزبين الذي هيمن منذ تأسيس الديمقراطية في إسبانيا ، يتطلب من الاحزاب الحوار والتفاهم ، وهو نهج يبدو أن الفعاليات السياسية الاسبانية غير معتادة عليه.