منعت السلطات التركية إحدى الجمعيات التابعة ل"جماعة العدل والإحسان" من تنظيم مؤتمر دولي في اسطنبول، حول ما أسمته "رؤى في المنهاج النبوي عند عبد السلام ياسين"، الذي استدعت له عددا من الكتاب من دول عربية وغربية، يتم أداء تكاليف مشاركتهم بالإضافة إلى غلاف مالي لكل مشارك، ولم تبرر السلطات التركية هذا المنع، الذي جاء بعد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي تم برعاية جمعية تدعى "مؤسسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين باسطنبول"، كما أن الجماعة في بيانها لم توضح خلفيات الاعتراض التركي مع العلم أن العلاقة بين الطرفين كانت "سمنا على عسل" وتم السنة الماضية احتضان المؤتمر الأول. كما منعت السلطات التركية الجمعة الماضي فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام للجماعة والناطق الرسمي باسمها وقائدها الفعلي، من دخول الأراضي التركية رفقة قياديين من الجماعة كان مفروضا أن يشاركوا في هذا المؤتمر، الذي هو دعائي أكثر منه علمي ولا إشعاع له لا على المستوى المحلي أو العربي.
رغم أن تركيا يحكمها حزب العدالة والتنمية الإسلامي فإنها تتعامل مع الجماعات الإسلامية و من ضمنها "جماعة العدل والإحسان" بنوع من الأبوية والاستعلاء وتعتبرها مجرد بيادق يمكن توظيفها في اللعبة الجيوسياسية، وفي هذا السياق جاء انفتاح حزب أردوغان على الجماعة، التي هي أقرب إلى دراويش تركيا.
الجماعة حافظت على رباطة جأش في التعامل مع النظام التركي حتى بعد المنع، ولم يصدر عنها أي رد فعل لفظي عنيف تجاه أردوغان بل تعاملت ببرودة دم واعتبرت النظام التركي مساندا لقضايا الأمة، وعلى خلاف لو وقع ذلك في المغرب لشنت هجوما عنيفا، والغريب أن كتائب الجماعة في الأنترنيت تناولت قضايا أخرى غير المنع.
هذا السلوك من "جماعة العدل والإحسان" غريب عن تاريخها. فهي تستغل أي فرصة حتى لو كانت بسيطة للحديث عن المنع الذي تتعرض له، لكنها اليوم سكتت، ليس لأن الذي قام بالمنع نظام إسلامي ولكن لأن الجماعة تريد أن تحافظ على وجودها هناك، لأنه يفتح لها أبواب الدعاية عبر العالم ويمكنها من لقاء ممولين من مختلف أنحاء العالم.
وحاولت الجماعة الاحتيال من خلال تهريب فكرها الخرافي إلى تركيا المعروفة بوجود الزوايا والتكايا الصوفية بشكل مذهل، وتختار اسطنبول بدل أنقرة، التي يطغى عليها الطابع العصري المغرق في العلمانية، وتختار اسطنبول التي ما زالت تغرق في التاريخ العثماني.
فتركيبة الجماعة لا تسمح لها بالانفتاح على العالم لأنها لا تقدم مشروعا واضحا بقدر ما تقدم خرافات لا يقبلها المجتمع اليوم كيفما كان، وهي في وضع صعب، تهرب إلى الأقاصي وإلى الأماكن التي لا يعرف عنها الناس أنها جماعة تعشش فيها المساوئ الأخلاقية وقصص العشق الممنوع.