تحت عنوان "المغرب يهتز بعد سلسلة خلافات حول الأخلاق"، كتبت وكالة الأنباء الفرنسية مقالا حول موضوع فيلم "الزين اللي فيك" لمخرجه نبيل عيوش، وموضوع الإجهاض وحالات الإباحة، وموضوع بث سهرة المغنية الأمريكية جنيفير لوبيز على القناة الثانية، ويبدو من العنوان أن الوكالة تعتبر الموضوع اهتزازا، ولم تشر لا من بعيد ولا من قريب إلى أن ما وقع في المغرب في الآونة الأخيرة يفيد على قدرة مؤسسات الدولة على تدبير الاختلاف بين مكونات المجتمع. وكان على الوكالة أن تعترف بأن المغرب له من المؤسسات والإمكانيات ما يستطيع من خلاله تدبير الاختلاف، وخير دليل على ذلك قضية الإجهاض، حيث توزع المجتمع بين فئة تطالب بإباحته مطلقا وفئة تحرمه مطلقا، فكان أن تدخلت إمارة المؤمنين باعتبارها المؤسسة الوحيدة في المغرب المؤهلة لإصدار الفتوى، إذا تعلق الأمر بأمر تشريعي ديني، وفعلا استقبل جلالة الملك مؤسسات مختلفة قضائية وقانونية وطبية وفقهية وأمرهم بأن يرفعوا له تقريرا حول الموضوع، مما نتج عنه خلاصات تحدد حالات الإجهاض المباح.
لا يمكن للوكالة أن تفهم طريقة تعاطي المغرب مع موضوع من هذا النوع، لأنه ليس بإمكانها أن تفهم طبيعة النظام المغربي، الذي يتلخص في فصلين دستورين واحد يحدد طبيعة إمارة المؤمنين والثاني رئاسة الدولة، وهذا الجمع لن يفهمه صحفيون لا يعرفون قيمة التقاليد الأصيلة في تكوين الشخصية المغربية.
فالوكالة التي تتبنى الدفاع عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعن الشواذ جنسيا، ولا تريد استيعاب ترحيل مواطنتين فرنسيتين تعرتا ومارستا الشذوذ بساحة صومعة حسان، لا تريد أن تفهم أن القيم هي من تصنع القيم وليس العكس، والقوانين منبثقة من أسئلة الواقع لا من خارجه، ولا يمكن فرض سلوكات منحرفة على المغرب بأي صفة من الصفات.
وتضمن المقال كل وجهات النظر باستثناء وجهة النظر الرافضة لهذه الأفعال، التي غابت عن المقال "الموضوعي جدا"، وتبين أن الوكالة تريد الانتصار للفرنستين اللتين تم طردهما، وأنه لا تسامح مع حركة الشواذ مهما كان الثمن، وقد خرج المغاربة يحتجون ضد هذه السلوكات.
ولا يمكن للمغرب أن يهتز بفعل هذه النقاشات والاختلافات لأن المؤسسات قائمة على أسس متينة وغير مرتبطة بمتغيرات اللحظة ولا مرتبطة بطبيعة الحكومات، التي يمكن أن تتغير ألوانها وفق ما يصدر عن صناديق الاقتراع. والمؤسسات قادرة على تدبير الاختلاف.