بعد سن الحجاب واللحية والزواج والطلاق، أصبح الآن مشروع غرفة نوم ودوش داخل مكاتب العمل والوزارات من السنن الحميدة المتعارف عليها لوزراء العدالة والتنمية، وذلك بعد ان خرج عبد القادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عن صمته معلنا نهارا جهارا أنه يتوفر على سرير وحمام(دوش) بمكتبه في الوزارة. إقرار الوزير عمارة بهذا الأمر جاء بعد اتهامه من طرف بعض المواقع الالكترونية بتجهيز غرفة نوم كلفت 300 مليون سنتيم، وهو ما نفاه الوزير مؤكدا على أن ثمن السرير لم يتعد 1000 درهم، مشيرا إلى أنه قام بشرائه شخصيا ولايختلف عن باقي الأسرة الخشبية العادية، التي توجد في منازل المغاربة، بالإضافة إلى حمام بلغت تكلفته الاجمالية 3000 درهم.. ونحن نعرف جيدا ثمنا مما أفصح عليه الوزير، فإذا كان السرير الخشبي بالف درهم فالوزير مضطر لكشف الفاتورة. هذا بدون أن نحرجه ليكشف لنا ثمن اللحفة، وثمن ترصيص الحمام والزليج وما الى ذلك.
وعاب الوزير على منتقديه، او ما سماهم ب""محترفي الاسترزاق السياسي"، استكثارهم عليه "سريرا من ألف درهم"، مذكرا إياهم انه عندما يغادر بيته "في الصباح الباكر" فإنه لا يعود "إليه إلا بعد التاسعة ليلا"، أي أن السبب في اقتناء هذا السرير المرفق ب "الدوش" هو الخلود للنوم والراحة من عناء ما يقوم به من مجهودات جبارة طيلة اليوم، "الله يكون ف العون"، ولخصومه ان يقارنوا، كما جاء في تبرير الوزير ، ما أنجزه "في سنة ونصف" منذ أن تولى "حقيبة الطاقة والمعادن والماء والبيئة و ما أنجزوه هم في سنوات".
وبعيدا عن انجازات الوزير، التي سيحكم عليها المواطنون والتاريخ، وكذا المهاترات السياسية بينه وبين خصومه ومنتقديه أو ما سماهم ب"محترفي الاسترزاق السياسي"، فإن الأمر يحتاج إلى بعض التوضيح نتمنى ان يدلي بها الوزير على حسابه بموقع الفيس بوك، كما فعل بخصوص ثمن الغرفة..
اول سؤال يطرح نفسه بهذا الخصوص هو: هل تم تعيين سعادته ليشتغل ويشمر عن ساعديه أم للنوم والاستراحة؟ علما ان جل المواطنين المغاربة المشتغلين والعمال يغادرون منازلهم في "الصباح الباكر"، ومنهم من يفعل ذلك قبل ان يستفيق سعادة الوزير، ولا يعودوا إلى بيوتهم إلا ليلا ومنهم من لا يعود أصلا، ورغم ذلك فإنهم لا يمتلكون أسرّة ولا حمامات داخل مكاتبهم وفي ورشات عملهم..
التساؤل الثاني الذي يستلزم توضيحا من سعادة الوزير، ويهم جميع أعضاء الحكومة، هو :هل كل وزراء حكومة بنكيران يتوفرون على غرفة نوم داخل مكاتبهم؟ علما أن هؤلاء الوزراء يغادرون منازلهم أيضا في الصباح الباكر ولا يعودون إليها إلا بعد التاسعة ليلا؟ وإذا كان الأمر مختلفا، فإن باقي الوزراء لا يقومون بمجهودات كبيرة وتضحيات جبارة كالتي يقوم بها اعمارة، أو يقومون بذلك ولا يشتكون عكس سعادة وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وفي هذه الحالة يكون عبد القادر في حاجة إلى بعض الطاقة لكي لا يحس بالعياء...
أما السؤال الآخر الذي يتبادر إلى الذهن فيتعلق بالكلفة الإجمالية لهذه الغرف المرفقة بمكاتب السادة الوزراء، و هل كل الأسرة خشبية، حرص الوزارء كما الوزير عمارة، شخصيا على أن تكون كذلك، وهل حمامات هذه الغرف عادية كالذي يوجد في البيوت المغربية المتوسطة وبمكتب اعمارة؟
هي بعض الأسئلة التي تبدوا شكلية في الظاهر، إلا ان جوهرها يتعلق بسلوكيات ومظاهر لها علاقة بفلسفة وتفكير بعض المسؤولين وكذا طرق تدبير الشأن العام في بلادنا..