لم تعد هيومن رايتس ووتش لدى الرأي العام الأمريكي وخصوصا النخب المثقفة منظمة حقوقية تراقب حقوق الإنسان بالعالم، بل أصبحت منظمة له توجه سياسي تخدم من خلاله أطرافا دولية، وبما أن هذه الأطراف معروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان، فإن مصداقية المنظمة ذهبت أدراج الريح. وفي هذا الصدد طلع مقال فكك أطروحات وبنيات هيومن رايتس ووتش، وليس أي مقال، مقال لخبير أمريكي شهير، مايكل روبين، الذي نشر مقالا تحليليا بمجلة "كومانتري مغازين" بعنوان "هيومن رايتس ووتش تحاول لكنها تخفق في محاولة تبرئة البوليساريو"، وقال فيما يشبه خلاصة إن هذه المنظمة الحقوقية الأمريكية، وقعت، في تقريرها حول وضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، ضحية قناعاتها السياسية.
ويعتبر مايكل روبين خبيرا لدى "أميركن أنتربرايز إينستيتيوت" ومحاضرا ب"نيفال بوستغرايد سكولز سانتر فور سيفيل ميليتري رولايشنز"، وهي مهمات تخول لمقاله مصداقية، وشدد في مقاله على أنه "بالفعل، من الصادم رؤية أن خلاصات تقرير هيومن رايتس ووتش تذهب عكس الأدلة التي ساقتها في الوثيقة".
وتمكن الباحث من تفكيك منهجية العمل لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، وهي منهجية مدروسة لخدمة الأغراض السياسية، حيث لاحظ أنه "يبدو تقريبا كما لو أن باحثي هيومن رايتس ووتش جمعوا أدلة (في الميدان) ليقوم المقر المركزي للمنظمة الامريكية بعد ذلك بتمريرها على مصححها السياسي لكي يكون المنتوج النهائي متوافقا مع رؤية سياسية تحاول نفي انتهاكات حقوق الإنسان" المرتكبة في مخيمات تندوف على أيدي البوليساريو، التي تعد "مجموعة ماركسية (...) تعطي لنفسها صورة الجمهورية الصحراوية" الوهمية.
وسجل الباحث مايكل روبين أن جبهة البوليساريو حرمت الآباء من أبنائهم وإرسالهم إلى كوبا، من أجل شحنهم إيديولوجيا، مشددا على أن هذه العملية اللا إنسانية مرت في صمت مريب وكأن شيئا لم يحدث، وقال متفكها "على ما يبدو أن هيومن رايتس ووتش قررت أن ترى في ذلك مجرد عطل إجبارية بهذه المناطق الاستوائية".
وهناك مأساة إنسانية صمت عليها المجتمع الدولي، بفضل الرشاوى التي تقدم الجزائر، ويتعلق الأمر بالأسرى المغاربة، الذين لم يتم معاملتهم كأسرى حرب، بل تمت معاملتهم ككائنات لا روح لها. حيث تم تعذيبهم بشكل بشع وتم انتزاع دماء بعضهم لفائدة قيادة المرتزقة كما تم إعدام آخرين دون محاكمة، حتى لو كانت صورية، ومرت هذه العملية في غفلة من العالم، وكان حريا بهيومن رايتس ووتش أن تراها مادامت مهمتها مراقبة حقوق الإنسان، أو أنها ترى في الأسرى المغاربة شيئا غير الإنسان، وأضاف بسخرية ثانية "يبدو أن هيومن رايتس ووتش رأت في ذلك وسيلة من أجل خفض كثافة السجون بمعتقلات البوليساريو".
وأبرز الخبير الامريكي أن مخيمات تندوف أصبحت اليوم "جرحا غائرا يتعين إيجاد حل له"، معربا عن الأمل في أن تفتح مبادرات الأممالمتحدة الطريق من أجل تسوية تعترف بفضائل الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية، تماشيا مع الازدهار الذي تشهده الأقاليم الجنوبية للمملكة. وخلص مايكل روبين إلى أن "هيومن رايتس ووتش قد تكون منظمة مفيدة، كما كانت من قبل، إذا ما تخلصت تقاريرها من مصنفاتها السياسية الذاتية".
مقال مايكل روبين موضوعي إلى حد كبير، ولم يكن هدفه هو تشويه سمعة هذه المنظمة ولكن أراد لها أن تعود إلى الطريق السليم، طريق مراقبة حقوق الإنسان وحمايتها وليس كتابة تقارير على مقاس مفصلة في دكان السلطة الجزائرية.