يتوارى عناصر تنظيم "داعش" عن الأنظار في معقلهم السوري منذ أن أجاز الرئيس الأميركي، باراك أوباما، توجيه ضربات جوية ضد التنظيم في سوريا. ولم يعد يظهر "التنظيم" في الشوارع، وأعاد نشر أسلحته ومقاتليه، وخفف من ظهوره الإعلامي. ويقول سكان مدينة الرقة، التي تقع على بعد 450 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من دمشق، إن "الجماعة تنقل معدات كل يوم منذ أن أشار أوباما في 11 سبتمبر إلى إمكانية توسيع الهجمات الجوية على مقاتلي التنظيم، بحيث تمتد من العراق إلى سوريا."
كما ان ناشطي التنظيم الذين كانوا يردون في العادة على أسئلة على الإنترنت أغلقوا صفحاتهم، حسب ما اوردته وكالة رويترز، ولم يصدر أي رد فعل مباشر من زعماء داعش على أوباما، كما لم يرد ذكر للكلمة التي أدلى بها الأسبوع الماضي في التسجيل المصور الذي بثه التنظيم يوم السبت الماضي لذبح الرهينة البريطاني ديفيد هينز على يد أحد مقاتلي التنظيم.
وبينما تسعى الولاياتالمتحدة إلى جمع الدول في تحالف من أجل قتال "داعش"، تحاول الجماعة الجهادية، على ما يبدو، أن تحيط استراتيجيتها بأكبر قدر ممكن من الغموض.
يذكر أنه حين واجه التنظيم ضربات جوية أميركية في العراق ترك مقاتلوه الأسلحة الثقيلة التي جعلتهم أهدافاً سهلة، وحاولوا الاندماج وسط سكان المناطق المدنية، وربما كانت الجماعة تفعل الشيء نفسه في سوريا توقعاً لقصف غارات مماثلة.
كما أخلى التنظيم، تضيف الوكالة، المباني التي كان يدير منها شؤونه، وأعاد نشر أسلحته الثقيلة، وأخرج أسر المقاتلين من المدينة. وقال أحد سكان الرقة عبر الإنترنت: "يحاولون أن يبقوا في حالة حركة"، مضيفا :"لديهم خلايا نائمة في كل مكان، ولا يجتمعون إلا في إطار محدود جداً".
إلا أن رجلاً آخر قال، حسب ما اوردته ذات الوكالة، "يتخذ التنظيم الآن خطوات دفاعية تكتيكية من خلال تحريك أصوله لأماكن مختلفة بحيث لا تتمركز كل أسلحته الثقيلة في مكان واحد".
إلى ذلك، قال أحد سكان المحافظة التي كانت تؤوي نحو 200 ألف مواطن قبل الحرب إن "التنظيم يحاول إعطاء انطباع بأن الأمور تجري كالمعتاد حتى بعد أن قلل من وجوده في الشوارع". وأضاف "يعطون الانطباع بأنهم لا يكترثون". وتابع: "لا يظهر المقاتلون بكثافة في الشوارع هذه الأيام. لا يظهرون إلا لضرورة ما. الشوارع خالية، والناس قلقون وخائفون".
وعلى الرغم من أن بعض ناشطي التنظيم ظهروا على مشارف الرقة يوم الثلاثاء، والتقطت لهم صور وهم يجمعون حطام الطائرة السورية التي أسقطت، ويضعونه على ظهر شاحنة ترفع راية الجماعة السوداء.
ويقول سكان المحافظة إنه منذ كلمة أوباما والمتاجر في الرقة تغلق بشكل مبكر، وقيمة الدولار الأميركي قفزت في السوق السوداء. وغادر العشرات المدينة، لكن ليس هناك ما يشير إلى هجرة جماعية.
وتعتبر مدينة الرقة والمحافظة التي تقع فيها القاعدة الأساسية للتنظيم في سوريا. وفي الشهر الماضي أخرج مقاتلو داعش آخر قوات حكومية من المنطقة حين سيطر التنظيم على قاعدة جوية.
ومنذ سيطرة داعش على مدينة الموصل العراقية في يونيو الماضي، وسع سيطرته على محافظة دير الزور السورية الحدودية المجاورة.