يعود الحديث مجددا بشأن علاقة الهاتف النقال وسرطان الدماغ، وذلك من خلال الدراسات التي اجريت بهذا الخصوص، آخرها تلك التي انجزها فريق خبراء من المعهد الفرنسي للصحة العمومية والأوبئة، وتقول الدراسة ان ثلاثين دقيقة من المكالمات يوميا ترفع احتمال الاصابة باورام سرطانية على مستوى الدماغ.. وإذا كان هذا الهاجس لا يحضر لدى مستخدمي الهاتف النقال اثناء القيام بمكالماتهم، فإنهم يعون كل الوعي بخطورة استخدام هذه التكنولوجية لمدة طويلة، ومنهم من يتخذ بعض الاحتياطات لتفادي تأثيرها على صحتهم..
ورغم ان الاطباء المغاربة الذين تم أخذ رأيهم في هذا الربورتاج، لا يرون اية علاقة مباشرة بين الهاتف النقال وأمراض الدماغ، إلا انهم اكدوا ان استعمال هذه الوسيلة في الاتصال لمدة طويلة له تأثيرات سلبية على صحة المستعمل..
ولطالما أثار موضوع تأثير استخدام الهاتف النقال على الصحة جدلاً واسعا حتى اليوم، إذ لم تثبت الدراسات أي علاقة مباشرة بين استخدام الهاتف وظهور الأمراض مثل السرطان وتحديدا سرطان الدماغ. كل ما هنالك هي معلومات تعتمد على الافتراضات. لكن الدراسة الفرنسية تبين أن استعمال الهاتف الخليوي لفترات طويلة قد تتسبب في حدوث سرطان دماغي.
الدراسة الفرنسية صدرت في شهر ماي الحالي في آخر عدد من المجلة العلمية المتخصصة Occupational & Environmental Medicine لباحثين فرنسيين من جامعة بوردو، الذين درسوا عادات أكثر من 1500 فرنسي من عدة مناطق بين عامي 2004 و 2006، مقسّمين إلى فئتين: الفئة الأولى وهم الأشخاص المصابون بسرطان في الدماغ، والفئة الثانية هم من الأشخاص الأصحاء. وراقب الباحثون عادات هاتين الفئتين في استخدام الهاتف المحمول متبعين أسلوب المقارنة بينهما.
وفي هذا المجال، ذكرت مجلة "دايلي ستار" الإنكليزية أن المقارنة بيّنت أن الأشخاص الذين استخدموا هاتفهم النقال بكثافة بمعدل أكثر من 15 ساعة في الشهر على مدى خمسة أعوام بشكل متوسطي، كانوا الأكثر عرضة للإصابة بسرطان المخ، بخاصة من الذين كانوا يعملون في حقل التجارة والمبيعات لاستخدامهم المكثف للهاتف المحمول.
لا شك أن هذه الدراسة تبقى ناقصة لجهة التحديد الدقيق للأسباب، لكنها تنمّ عن حقيقة واقعة وإن كانت مجتزأة، كما أوردت صحيفة News santé الإلكترونية، ضاربة المثل بعلاقة التدخين بسرطان الرئة، معتبرة أن الدراسات الأولى عن خطر التدخين على الصحة كانت موجودة منذ عشرينات القرن الماضي، لكن كان يجب الانتظار حتى سنوات الأربعينات بين 1940 و 1950 للتأكد من أن التدخين يتسبب فعلياً بظهور أول خلايا سرطانية رئوية.
وإن دلّت هذه الدراسة على شيء ومثيلاتها من الدراسات السابقة، فإنما هي تحذير بوجوب اتباع القواعد الصحيحة لاستخدامات الهواتف المحمولة. في هذا الخصوص ذكرت جريدة "لوفيغارو" الإلكترونية أن المعهد الوطني الفرنسي للوقاية والتعليم الصحي نشر على موقعه الإلكتروني التوصيات الأساسية لجهة الاستخدام الصحيح للتلفون النقال. من هذه التوصيات اللجوء إلى السمّاعات أو إبعاد الهاتف عن الأذن والرأس عندما تكون الذبذبات قوية، وبخاصة في اللحظات الأولى بعد فتح الخط، وفي الأماكن حيث الإرسال فيها ضعيف مثل الممرات تحت الأرض، أو في الأماكن الضيقة مثل المصاعد الكهربائية.
ويجدر بنا إعادة النظر في أمور كثيرة تتعلق بصحتنا وراحتنا الشخصية وذلك والتكيف مع هذا الواقع الذي نعيش فيه محاطون بالتكنولوجيا الحديثة التي تتطور بشكل سريع جداً..
يشار ان منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة كانت قد قالت في وقت سابق انه لا يوجد دليل قوي على وجود علاقة بين استخدام الهاتف المحمول والإصابة بالسرطان، إلا ان خبراء في السرطان بذات المنظمة اكتشفوا بعد ذلك أن استخدام الهاتف المحمول قد يزيد خطر الاصابة بأنواع معينة من سرطان الدماغ لدى الانسان ويتعين على المستهلكين البحث عن سبل لتقليل الاستخدام.
وتظهر بين فترة وأخرى دراسات علمية مختلفة ذات نتائج متناقضة حول وجود أدلة على علاقة للهاتف المحمول بالإصابة بالسرطان، حيث أفادت دراسة بريطانية في السابق بتراجع الادلة العلمية على وجود صلة بين استخدام الهواتف المحمولة والإصابة بأورام المخ رغم تصنيف استخدام هذه الهواتف باعتبارها مسببا محتملا للسرطان، إلا ان دراسة سويدية اكدت تزايدا في نسبة الإصابة بالورم النجمي الخبيث في الدماغ لدى الذين يستعملون الهواتف النقالة منذ أكثر من عقد...
وتتزايد الأدلة والبراهين يوما عن يوم بشأن المخاطر التي يتسبب بها جهاز الهاتف النقال خاصة الإشعاعات الصادرة عنه عند استخدامه مباشرة أو دون سماعة أذن، ومن أبرز تلك المخاطر تسببه في إصابة الإنسان بداء السرطان.. وهو ما حذرت منه الدراسات الاخيرة حيث كشفت عن المخاطر والأضرار التي يتسبب بها الهاتف النقال على صحة الإنسان خاصة على صحة الأطفال أو أولئك الذين يستخدمونه لأكثر من عشر سنوات متواصلة...
و حذرت ذات الدراسات من الاستخدام المكثف للهواتف، كما أعربت بعض الحكومات في اوروبا، وخاصة الحكومة الفرنسية، عن قلقها بهذا الشأن وأنها تخطط لاتخاذ إجراءات من شأنها حظر استخدام الهاتف النقال في المدارس الابتدائية، ووقف الترويج له أو بيعه لمن هم دون سن 12 سنة من العمر، كما ستمنع الحكومة الفرنسية بيع الجهاز دون سماعة للأذن بهدف تخفيف تعرض رأس الإنسان للإشعاع الناتج عنه...