ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله ، رفقة الوزير الأول لجمهورية الكوت ديفوار السيد دانيال كابلان دانكان، اليوم الاثنين بأبيدجان، حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي الإيفواري المغربي، الذي يشكل مناسبة لتعزيز الشراكات القائمة بين البلدين، واستكشاف الفرص الحقيقية للتعاون والارتقاء بالعلاقات الثنائية متعددة الأوجه إلى مستوى أرفع. وأكد جلالة الملك في الخطاب الذي ألقاه بهذه المناسبة أن تنظيم هذا المنتدى بكوت ديفوار، ولأول مرة خارج المملكة وعلى أرض إفريقية، لم يأت بمحض الصدفة، بل إنه يعكس، قبل كل شيء، جودة العلاقات التي تربط البلدين، كما يعد خير دليل على أهمية الروابط السياسية والاقتصادية التي تجمع المملكة بدول إفريقيا الوسطى والغربية. كما أن هذا الاختيار، يضيف جلالة الملك ، يشكل اعترافا بأهمية ومكانة الاقتصاد الإيفواري، ودليلا على الثقة في آفاقه المستقبلية. ذلك أن هناك العديد من المؤهلات التي جعلت هذا البلد يحتضن إحدى القواعد الصناعية الأكثر نشاطا بالمنطقة، وأحد الأقطاب التجارية الأكثر حيوية بها.
وقال صاحب الجلالة "واليوم، حيث صارت الاضطرابات السياسية من الماضي، فإن الوحدة الوطنية التي تمت استعادتها، واستتباب السلم والاستقرار، يشكلان ، بكل تأكيد، مصدر قوة كوت ديفوار. كما أن الماضي المشرق لبلدكم في المجال الاقتصادي يعد ، بحق ، أحد نقاط القوة التي يتمتع بها في المنطقة".
كما أكد جلالة الملك أن المغرب، على غرار كوت ديفوار، يلتزم التزاما كاملا بانتمائه الطبيعي لإفريقيا الذي ظل يلازمه على امتداد تاريخه." واليوم ، كما الأمس، توجد العلاقات الدبلوماسية في صميم التفاعل القائم بين بلدينا. غير أنه نظرا للتحولات العميقة التي يشهدها العالم فقد أضحى من الضروري ملاءمة ، الآليات التي تنبني عليها هذه العلاقات والأبعاد التي تنطوي عليها، وكذا الموقع الذي تحتله ضمن منظومة العلاقات الدولية، مع المعطيات الجديدة على أرض الواقع".
وأوضح جلالة الملك أن الدبلوماسية كانت في السابق، تعتبر أداة لتعزيز العلاقات السياسية، أما اليوم، فقد أصبح البعد الاقتصادي يحظى بالأولوية، ويشكل إحدى الدعامات التي تقوم عليها العلاقات الدبلوماسية، مبرزا جلالته أن التعاون الذي كان يقوم سابقا على روابط الثقة والوشائج التاريخية أصبح اليوم يرتكز، أكثر فأكثر، على النجاعة والمردودية والمصداقية.
وفي كلمة له بالمناسبة، قال الوزير الأول الإيفواري السيد دانيال كابلان دانكان، إن هذا المنتدى يكتسي بعدا كبيرا وأهمية قصوى بالنسبة للتعاون المغربي الإيفواري.
وقال إن "العلاقات الممتازة القائمة بين البلدين، أرسى دعائمها رجلان استثنائيان ، ألا وهما جلالة المغفور له الحسن الثاني والرئيس الراحل فليكس هوفويت بوانيي"، معتبرا أن الصداقة التي تربط البلدين مكنت كذلك من تطوير علاقات متعددة الاشكال والقطاعات.
وأشار الوزير الأول الإيفواري، إلى أن هذا المنتدى سيشكل فرصة سانحة بالنسبة للقطاع الخاص بالبلدين ، لنسج شراكة قوية وتنويع التجارة بين البلدين وتكثيف الاستثمارات بشكل متبادل، وذلك في إطار الاتفاقيات الثنائية الرسمية المبرمة بينهما.
وأضاف الوزير الأول الإيفواري أن تشريف جلالة الملك لهذا المنتدى من خلال ترؤس حفل افتتاح أشغاله ، لدليل على الارادة الراسخة لجلالته وللرئيس الايفواري الحسن واتارا، في إعطاء دفعة جديدة وقوية للتعاون الثنائي.
أما السيدة مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فأكدت في كلمتها أن المقاولات المغربية، تولي أهمية كبرى للاستثمار في الكوت ديفوار، هذا البلد، الذي يعد اقتصاده من أكثر الاقتصادات حيوية في كل منطقة غرب إفريقيا.
وقالت " إن ما يبعث على الارتياح هو أن ربع الاستثمارات الخارجية للمملكة المغربية خلال الاشهر الستة الأولى من سنة 2013 أنجزت ببلدكم"، مجددة التأكيد على استعداد المقاولات المغربية لأن تتقاسم ما راكمته من تجربة وخبرة مع نظيراتها الإيفوارية في إطار مقاولات مغربية إيفوارية مشتركة وتنمية وتعاون مشتركين.
وأضافت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن " بلدكم يستقطب أيضا المستثمرين المغاربة بالنظر لاقتصاده المنفتح ، والقائم على رؤية واضحة بحيث قام بوضع برنامج طموح للاقلاع الاقتصادي للفترة 2011 - 2015"، مؤكدة أن المغرب متشبث بتعزيز علاقاته مع الكوت ديفوار، من خلال مد جسور التقارب جنوب- جنوب.
واعتبرت السيدة بنصالح أن من شأن هذا التعاون أن يساهم في تنمية الموارد البشرية بالبلدين، مبرزة أن المغرب، "سيكون له الشرف بأن يتقاسم مع الأشقاء الإيفواريين تجربة ناجحة امتدت لنحو 40 سنة في مجال التكوين المهني".
من جهته، أشار نائب رئيس الاتحاد العام للمقاولات بالكوت ديفوار السيد بيرنار ندومي، إلى أن دينامية وإرادة القطاع الخاص المغربي يجسدها الدعم المطلق والقوي لجلالة الملك من خلال حضوره الشخصي لافتتاح هذا المنتدى، مرفوقا بالفاعلين الاقتصاديين.
وعبر في هذا الصدد عن الأمل في أن تحدو هذه الروح الاستشرافية أكبر عدد من القادة الأفارقة، "لأن فيها ضمان لاقلاع اقتصادي بالقارة الافريقية".
وقال نائب رئيس الاتحاد العام للمقاولات بالكوت ديفوار، مخاطبا الفاعلين الاقتصاديين المغاربة ، "سويا ومن خلال شراكة قوية وفي جو من المنافسة السليمة سيكون بمقدورنا تطوير مقاولاتنا وتوسيع قاعدة أنشطتنا في كل منطقة غرب افريقيا، ولم لا في افريقيا برمتها".
وسيساهم هذا المنتدى الاقتصادي ، الذي يشمل قطاعات متعددة، والمنظم من طرف الاتحاد العام للمقاولات بالكوت ديفوار والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بشراكة مع مركز تنمية الاستثمارات بالكوت ديفوار وغرفة التجارة والصناعة بالكوت ديفوار والفيدرالية الإيفوارية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، في تعزيز وبعث الدينامية في الشراكة جنوب- جنوب، وذلك من خلال إبرام شراكات حقيقية بين القطاعين العام والخاص بكلا البلدين.
كما سيشكل هذا اللقاء مناسبة لاستعراض الخبرة المغربية في كامل تنوعها، وكذا فرص الأعمال وإمكانيات الشراكة بين المقاولات المغربية والإيفوارية، إلى جانب المؤهلات التي تزخر بها السوق الإيفوارية، قاطرة منطقة غرب إفريقيا بكاملها.
وسيناقش المشاركون، على مدى يومين، فرص الاستثمار بالكوت ديفوار، والإطار المؤسساتي والتنظيمي للشراكات بين القطاعين العام والخاص، وانتظارات المستثمرين المغاربة بالكوت ديفوار، وفرص الاستثمار في القطاعات الواعدة (الفلاحة، الصناعة، المناجم، الطاقة ، مشتقات البترول ، البنيات التحتية، البناء والتعمير ، الأشغال العمومية، النقل، اللوجيستيك، الصحة، السياحة، تكنولوجية الإعلام والاتصال ...).
ويحضر أزيد من 400 فاعل إيفواري و100 مقاولة مغربية هذه التظاهرة الكبرى، التي ستمنح فرصة استكشاف بعض التجارب الناجحة لمستثمرين مغاربة يستقرون بالكوت ديفوار. حضر حفل افتتاح هذا المنتدى أعضاء الحكومة الإيفوارية، وممثلو المقاولات وأرباب العمل المغاربة والإيفواريين، إلى جانب أعضاء الوفد الرسمي المرافق لجلالة الملك في زيارة العمل والصداقة التي يقوم بها جلالته للكوت ديفوار، وكذا أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بأبيدجان.