تشكل الزيارة الرسمية التي سيقوم بها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، للمملكة المغربية يومي 27 و28 دجنبر الجاري، بدعوة كريمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، محطة بارزة في مسلسل تعميق العلاقة الاستراتيجية بين الرباطوالدوحة. وتعكس هذه الزيارة، بعد تلك التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى قطر، في شهر أكتوبر من السنة الماضية، في إطار جولة قادت جلالته إلى عدد من بلدان الخليج والأردن، عمق العلاقة الإستراتيجية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، والحرص الشديد لدى القيادتين الشابتين في البلدين على التنسيق المستمر في مختلف القضايا الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية.
ومما لا شك فيه، فإن حكمة وتبصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر? ستضع حاضر ومستقبل علاقات البلدين الشقيقين في السياق الواعد والمثمر والمعطاء.
وتجدر الإشارة إلى أن البلدين الشقيقين، قطر والمغرب، ارتبطا على مدى سنوات طويلة بعلاقات خاصةº اتسمت بتقارب وجهات النظر في القضايا التي تهم المنطقة العربية والإسلامية والتنسيق السياسي المنتظم في القضايا الإقليمية، وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والوضع في سورية وقبلها ليبيا.
وقد حرص البلدان على السعي إلى بلورة مواقف عربية موحدة في ما يتعلق بهذه القضاياº حيث بدا الجهد القطري والمغربي واضحا وملموسا بشأن القضية الفلسطينية والأزمة السورية، وعملا جاهدين على بلورة موقف عربي، من خلال اعتماد تنسيق دائم بينهما في مختلف المحافل والمنتديات الدولية، خصوصا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتأتي زيارة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى المغرب لتكرس مجددا مبدأ الشراكة القائمة على منطق رابح- رابح والتنسيق بين البلدين في المجالات كافة، وتعزيز الجهود من خلال المشاريع التنموية الكبرى التي سيتم الاتفاق عليها.
ويلاحظ أن التعاون الثنائي بين البلدين شهد تطورا كبيرا، خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل اهتمام ورعاية قيادتي البلدينº حيث أقبلت الشركات القطرية ورجال الأعمال القطريين على الاستثمار بالمغرب، وتم الاتفاق على إنجاز جملة من المشاريع الكبرى بالمغرب، خاصة في المجال السياحي، حيث تم إنشاء شركة مشتركة في هذا المجال برأسمال كبير بين البلدين.
والواقع، أن زيارة سمو أمير قطر للمغرب تشكل دفعة قوية جديدة لعلاقات البلدين الشقيقين، اللذين يجمعهما من الأخوة الصادقة والقواسم المشتركة ما يحفز على تنسيق وتواشج يستفيد من عزم البلدين على بذل جهود تنموية نوعية، وأيضا على الاستفادة من القنوات التي أسساها معا والتي يمكن أن تتدفق منها مجالات التعاون مدرارة، وفي صدارتها اللجنة العليا المشتركة القطرية-المغربية، ومجلس رجال الأعمال بالبلدين، فضلا عن تنوع مجالات الاستثمار المشترك والتي يمكن أن تدر الكثير على البلدين.
والمتوقع أن تعطي الزيارة الرسمية لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني دفعة قوية لشراكة قطرية مغربية متميزة، قادرة على أن تخلق فرصا أوسع في العديد من المجالات من خلال تقوية دور اللجنة العليا المشتركة المغربية القطرية، ومجلس رجال الأعمال القطري المغربي، سعيا للنهوض بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
وتأخذ العلاقات المغربية القطرية حاليا منحى التحالف الاستراتيجي المتطور، وتزداد التصاق ا بالقضايا العملية ومن ضمنها شؤون الاقتصاد، حيث تنامى حضور قطر في المجال الاستثماري بالمغرب، جسده إقبال المستثمرين القطريين على المغرب في مجالات متعددة، منها المجال السياحي والعقاري، من قبيل استثمارات شركة الديار القطرية.
وتعكس هذه الزيارة التقدم والتطور المتواصل للعلاقات المشتركة بين الدوحةوالرباط، والتي وصلت إلى مستوى مرموق بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين وتوجيهاتهما المستمرة لتذليل كافة العقبات أمام تحقيق التعاون المشترك والارتقاء به إلى مستويات أرحب، فضلا عن التنسيق السياسي في ما يخص القضايا الإقليمية والدولية، وذلك خدمة للمصالح العربية والإسلامية.
وتمثل زيارة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمملكة المغربية، وهي أول زيارة له لمنطقة المغرب العربي بعد تسلمه مقاليد الحكم، عنوانا سياسيا كبيرا يؤكد على أن الأمة العربية من أقصاها إلى أقصاها لا تفرقها الجغرافية ولا تحول دون تعاون شعوبها الشقيقة المسافات.