أفرجت الأجهزة الأمنية المصرية عن مجموعة من التسجيلات دارت بين الرئيس المعزول محمد مرسي وزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بعد تولي الأول الحكم في مصر. تسجيلات ستكون الدليل الذي سيقدمه المسؤولون الكبار في الدولة للمواطنين لإنهاء السجال لافتعال أزمات سياسية بادعاءات غير دقيقة على قادة المؤسسة العسكرية بعد ثورة 30 يونيو، قبيل الدخول في الترتيبات النهائية لمحاكمة مرسي علناً في 4 نونبر المقبل. شملت تفاصيل التسجيلات، وعوداً من مرسي بعدم القبض على أي جهادي أو تكفيري، في عهده، وضمان ممارسة أنشطتهم بحرية كاملة، بالإضافة إلى فتح معسكرات لتدريب الجهاديين، وعناصر موالية لهم، في سيناء. المفاجأة الأولى التي رفعت الأجهزة السيادية النقاب عنها كانت طريقة الإفراج عن شقيق زعيم تنظيم «القاعدة»، محمد الظواهري، بوساطة من قبل رئيس ديوان رئيس الجمهورية حينها، رفاعة الطهطاوي، الذي ضمن سهولة تحرك محمد الظواهري، وعدم مراقبته في أي مكان يذهب إليه. وكان أول اتصال من الرئاسة، بين رفاعة الطهطاوي وأسعد الشيخة، أحد محركي الديوان الرئاسي، ثم تحدث الرئيس المعزول، مع شقيق الظواهري، لمدة 59 ثانية بارك له فيها على خروجه، وأكد له خلالها عدم ملاحقته أمنياً مرة أخرى، وأنه سيلتقي به قريباً. وظلت مؤسسة الرئاسة على تواصل دائم مع محمد الظواهري، وأشرف على هذا التواصل رفاعة الطهطاوي، وأسعد الشيخة. وكشفت المصادر ل«الأخبار» أن أول اتصال جرى بين مرسي وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، كان عقب تولي مرسي رئاسة الجمهورية بشهر. وأوضحت المصادر أن مرسي طلب في هذا الاتصال الذي استمر لمدة دقيقتين و56 ثانية، دعم المجاهدين، وضرورة مساندتهم لتنظيم الإخوان، للنجاح داخل مصر، فيما هنأه الظواهري بتوليه الحكم، وإزاحة العلمانيين الكفرة حسب تعبيره وتطرق الحوار أيضاً إلى ضرورة تمكين الإسلاميين من الحكم، على غرار إيران. وطلب الظواهري من مرسي أن «اُحكم بشرع الله لنقف بجوارك، وليس هناك ما يسمى الديموقراطية، ثم تخلص من معارضيك». انتهت المكالمة الأولى بتأكيد دعم تنظيم القاعدة للإخوان، وخاصة مع تواصل التنظيم الدولي للجماعة مع أعضاء «القاعدة». وعقب المكالمة مباشرة، تواصل نائب مرشد جماعة الإخوان خيرت الشاطر رسمياً مع محمد الظواهري، والتقاه عدة مرات بعدها. وأضافت المصادر أن المكالمة الثانية بين مرسي وأيمن الظواهري جرت بعد المكالمة الأولى بنحو شهر ونصف شهر، وكشفت عن التعاون المشترك بين الرئاسة والإخوان من جانب، وتنظيم القاعدة من جانب آخر، ل«خلق خلايا داخل البلاد تحمي نظام الإخوان». وحملت المكالمة عتاباً من مرسي للظواهري، على خلفية مهاجمة الأخير نظام مرسي والقائمين عليه. وقال مرسي في المكالمة: «إننا سنطبق الشريعة والشرعية، بما يرضي الجماعة، لكن نحن في مرحلة التمكين ونحتاج لمساندة كل الأطراف، ولا يجوز أن نطبق من الآن نفس المنهج الإيراني، أو حكم طالبان في مصر». من جهته، طلب الظواهري من مرسي الإفراج عن جهاديين مُعتقَلين، قائلاً: «لازم تفرج عن الجهاديين اللي كانوا في سجون (الرئيس حسني) مبارك، وإخراج كل الإسلاميين من السجون، كضمان وعهد للتعامل، وتأكيداً لطي صفحة الماضي». وعقب ذلك، وعد مرسي بتسهيل عودة الظواهري إلى القاهرة. وأكدت المصادر أن كل العناصر الذين أُفرج عنهم، كانوا بلائحة أعدّها محمد الظواهري، بالتنسيق مع شقيقه أيمن، وعُرضت على الرئاسة التي صدقت على عمليات عفو رئاسي لجماعات إرهابية وجهادية، وذلك بعد تنسيق مع الظواهري وتلك الجماعات. وجرت مكالمة ثالثة ورابعة بين الطرفين، أكد خلالها الرئيس المعزول أنه لن يُعتقَل أي جهادي في عهده، ولن يُضيَّق على الجماعات الجهادية، والسلفية الجهادية، وتعهد باستمرار التواصل معهم الذي بدأ قبل تسلمه الرئاسة، وتعهد أيضاً بمنع ملاحقة الأمن للجماعات في سيناء.
من جهته، طلب الظواهري، بفتح معسكرات في سيناء، «لدعم الإخوة وتدريبهم»، وهنا كشف مرسي للظواهري أن تنظيم الإخوان ينوي «تشكيل حرس ثوري» للدفاع عنه، ضد أي محاولة للانقلاب على الشرعية، وطلب من الظواهري دعم الجماعات وتدريبهم، ووعد بإقامة معسكرات تدريب لهم في سيناء، مع دعمهم من التنظيم وتوفير كل التسهيلات لهم بالقرب من الحدود الليبية. ولفتت المصادر إلى أنه بالفعل، «وفّر مرسي 4 معسكرات تدريب للجماعات الجهادية، وأوقف العديد من العمليات العسكرية في سيناء، على الرغم من علمه بوجود عناصر من تنظيم القاعدة هناك، وعمل على إنشاء جيش «من المجاهدين» للدفاع عن جماعة الإخوان والتنظيم داخل مصر». وقبيل زيارة مرسي لباكستان، جرت المكالمة الخامسة بين الجانبين، وعد خلالها مرسي بمقابلة الظواهري قبيل مغادرته باكستان، لكنه لم يستطع، ثم التقى وسيط زعيم تنظيم القاعدة، في الفندق المقيم فيه مرسي لمدة ساعة ونصف ساعة، وتحدث هاتفياً مع الظواهري لمدة 43 ثانية، وسط تأكيد متبادل لدعم الجماعة للتنظيم، ودعم التنظيم للإخوان. وعقب عودة مرسي، أصدر الرئيس المعزول لائحة جديدة بالعفو الرئاسي عن بعض الأسماء والشخصيات الجهادية الخطيرة، رغم التحذيرات الأمنية وتقارير الأجهزة السيادية. وضمت لائحة المفرج عنهم 20 شخصاً خطراً على الأمن القومي، وقدم التنظيم الدولي للإخوان، دعماً مادياً بقيمة 50 مليون دولار، لتنظيم «القاعدة»، لمساندة الجماعة في مصر. وكانت المكالمة الأخيرة لمرسي فجر 30 يونيو، بحضور أسعد الشيخة، ورفاعه الطهطاوى ومسؤول الأمن بالرئاسة. وشملت مكالمة مرسي مع الظواهري تحريضاً على المؤسسة العسكرية في سيناء، وطالبه بدعم شرعية الرئيس، وإثارة الفوضى، وقال له: «في ناس عايزة تنقلب على الشرعية، ويجب القضاء على المعارضة، بنطالب الجهاديين في كل مكان بمساعدتنا». وفي ذات الوقت، أعطى مرسي إشارة تحرك العمليات الإرهابية في سيناء، فيما أكد تنظيم «القاعدة» وقتها أنه لن يسمح بسقوط مرسي، ولن يسمح بعودة الدولة العسكرية.