أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، أمس الثلاثاء بنيويورك، أن مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال الهجرة تشكل "مقاربة رائدة" ببلدان الجنوب. وأبرز اليزمي، الذي كان يتحدث في إطار اللقاء الذي نظمه المغرب حول السياسة الوطنية في مجال الهجرة والدعوة إلى "تحالف إفريقي للهجرة والتنمية"، أن المبادرة الملكية، التي لقيت ترحيبا واسعا، تشكل مقاربة "رائدة في بلدان الجنوب"، لكون كل هذه البلدان تواجه هذه الإشكالية، لكن لا وجود لحد الساعة "لسياسة عمومية بمثل هذا الطموح".
ويأتي تنظيم هذا اللقاء، المنظم على هامش أشغال الدورة الÜ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عشية انطلاق الاجتماع رفيع المستوى بالمنظمة العالمية حول "الهجرة الدولية والتنمية" وغداة إطلاق المبادرة الملكية حول الهجرة بداية شتنبر الماضي.
وقال اليزمي إن "الدعم الذي حظيت به توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ترأس اجتماع عمل بحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، يشكل تقدما هائلا في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين".
وقد أعد المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان "الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب : من أجل سياسة جديدة في مجال اللجوء والهجرة"، أبرز فيه التقاليد المغربية العريقة في مجال الهجرة والاستقبال، كما قدم شرحا للإطار القانوني الوطني والدولي الذي يقنن وضعية المهاجرين بالمغرب وقدم في الأخير توصيات بعد تحليل التحولات المرتبطة بالمهاجرين واللاجئين.
وأكد اليزمي، خلال هذا اللقاء الذي ترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد سعد الدين العثماني، على أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان "يثمن ويقدر الجهود التي قامت بها الحكومة من أجل تنفيذ فعلي للتوصيات".
وشارك في هذا اللقاء، على الخصوص، المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة ويليام لايسي سوينغ، والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بإفريقيا عبد الفتاح عبد العزيز، والأمين العام المساعد بالمكلف بحقوق الإنسان بالأم المتحدة إيفان سيمونوفيتش، إضافة إلى العديد من السفراء المعتمدين بالأمم المتحدة الممثلين للبلدان الإفريقية والأوروبية، وموظفين أممين سامين.
وأضاف اليزمي أنه إلى غاية اليوم "لم يسبق الإعلان عن سياسة عمومية بمثل هذا الطموح، سياسة تشمل المهاجرين في وضعية قانونية وفي وضعية غير قانونية، وطالبي اللجوء، ومكافحة الاتجار في البشر".
وذكر بأن هذه السياسة تدخل في إطار المقتضيات الدستورية التي تعزز المساواة في الحقوق بين المواطنين والأجانب في وضعية غير قانونية وصولا إلى مشاركة الأجانب في الانتخابات المحلية شريطة المعاملة بالمثل.
واغتنم اليزمي الفرصة من أجل تذكير بلدان الشمال، خاصة الاتحاد الأوربي، ب "المساهمة بشكل فعال وملموس" في تفعيل السياسة العمومية المغربية في مجال الهجرة.
وأشار إلى أن "المغرب يعاني بشكل بنيوي بسبب موقعه الاستراتيجي ، من جهة، وكذا بسبب "تأثيرات السياسة الأوروبية الصارمة لمراقبة الحدود الخارجية من جهة أخرى".
وبالفعل، فقد تحول المغرب إلى أرض لجوء واستقرار على المدى الطويل بالنسبة للمهاجرين المنحدرين من عدة بلدان (الجزائر، سوريا، البلدان الأوربية، الصين، الفيليبين، النيبال، البلدان الإفريقية جنوب الصحراء) لهم أوضاع قانونية مختلفة.
وتشكل هذه الوضعية، حسب اليزمي، "تحديا وفرصة" في الوقت ذاته، كما أظهرت في الآن نفسه حدود "سياسات الهجرة المتخذة لحد الساعة".
وقدم اليزمي خلال هذا اللقاء "بعض الخلاصات الأساسية" للتقرير الموضوعاتي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمملكة.
وقال إن "التقرير يدافع عن إحداث تغيير جذري في سياسات الهجرة واللجوء، في سياق مؤسساتي وسياسي يتميز باعتراف دستوري رسمي بالمساواة في الحقوق بين المواطنين المغاربة والأجانب وبدعوة صاحب الجلالة الملك من أجل وضع سياسة جديدة للهجرة".
كما أوصى اليزمي ب"تطوير التعاون الإقليمي وبتعزيز العمل المشترك للوصول إلى حكامة دولية متجددة لهذه الإشكاليات، بهدف حماية المهاجرين، بما يتماشى مع المعايير الدولية ويمكن من مكافحة فعالة لمشاعر الكره والرفض للأجانب".
وخلص إلى أن "الحركية الإنسانية شكلت على الدوام عاملا للإغناء، بالرغم من بعض الصعوبات العابرة، فالهجرة في نهاية المطاف فرصة لجميع البلدان، علينا اغتنامها".