بدأت تتأكد تحليلات المتتبعين للشأن السياسي الجزائري، بخصوص صفقات بين الاجنحة المتحكمة في دواليب الحكم وذلك لإرجاع العديد من رموز النظام العسكري من خلال العفو عليهم او تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم.. فبعد عودة الجنرال الدموي خالد نزار من اسبانيا حيث كان هاربا، وإلغاء الحكم الصادر عنه، أصدر مجلس الاستئناف بالمحكمة العسكرية بالبليدة، اليوم السبت، حكم البراءة في حق كل من بوتفليقة سعيد ومدين محمد وطرطاق عثمان ولويزة حنون، في قضية "المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة"، حسبما أفاد به محامي الدفاع الأستاذ خالد برغل. وقال الاستاذ برغل، محامي بوتفليقة سعيد، إنه "بعد قراءة رئيس مجلس الاستئناف بالمحكمة العسكرية بالبليدة لحيثيات القضية، تم تباعا سماع كل من بوتفليقة سعيد ومدين محمد وطرطاق عثمان وحنون الويزة، إذ أنكروا جميعا تهمة المؤامرة". وبعد ذلك، يضيف المحامي، "تدخل النائب العام العسكري ليطلب تطبيق صحيح القانون، ثم أحيلت الكلمة لمرافعة الدفاع". وأبرز الاستاذ برغل أنه "بعد المداولة، أصدر مجلس الاستئناف بالمحكمة العسكرية بالبليدة قرارا يتضمن إلغاء حكم المحكمة الإبتدائية وتبرئة كل المتهمين". وجاءت محاكمة اليوم بعد قبول المحكمة العليا في 28 من نوفمبر الفارط الطعن بالنقض الذي تقدم به دفاع المتهمين. يشار إلى أن مجلس الاستئناف العسكري بالبليدة أيد، في 10 فبراير الفارط، الأحكام الصادرة في حق كل من بوتفليقة سعيد ومدين محمد وطرطاق عثمان ب 15 سنة سجنا نافذة في حين حكم ب 3سنوات منها 9 أشهر نافذة في حق حنون لويزة. وتمت متابعة هؤلاء المتهمين "من أجل أفعال تم ارتكابها داخل بناية عسكرية تحمل طبقا للقانون وصف جناية التآمر من أجل المساس بسلطة الجيش والتآمر ضد سلطة الدولة وهي الافعال المنصوص والمعاقب عليها على التوالي بالمادة 284 من قانون القضاء العسكري والمادتين 77 و 78 من قانون العقوبات. وتأتي إعادة محاكمة المتهمين في قضية التآمر في ظل عدة مستجدات أهمها عودة وزير الدفاع السابق إلى الجزائر بعد فراره إلى إسبانيا وإصدار مذكرة دولية للقبض عليه التي تم إبطالها بعد عودته، وكانت قد نشرت صحيفة “الوطن” الناطقة بالفرنسية بأنه عاد إلى البلاد في 11 من الشهر الماضي. وكان قد طالب وزير الدفاع الجزائري الأسبق الجنرال خالد نزار لما كان بإسبانيا، من الرئيس عبد المجيد تبون، باتخاذ قرار “صائب” ووقف ملاحقته من قبل القضاء العسكري، ولإصلاح ما وصفه “بقرار سياسي ظالم” استهدفه منتصف عام 2019، بعدما أصدر القضاء العسكري قراراً بملاحقته ومذكرة توقيف دولية لاعتقاله بتهمة التآمر على السلطة والجيش. وكتب خالد نزار مقالا على موقع “ألجيري باتريوتيك”، في شهر غشت الماضي، أكد خلاله أن جيش بلاده “أصبح بين أياد أمينة اليوم، وأن عمل السلطات العسكرية والسياسية معا للحفاظ على تماسكها هو علامة على ذلك، وهذا هو الأهم” حسبه، وأضاف بأن ما كان يحدث منذ عام 2019 هو جزء من “خطة واسعة لزعزعة الاستقرار تهدف إلى استكمال ما تم القيام به في التسعينات”. وتحدث في مقاله عن استهداف لرموز المقاومة وذكر كلا من الجنرال توفيق قائد المخابرات السابق، واللواء بن حديد، والمقاومين التاريخيين الأخضر بورقعة، وجميلة بوحيرد. واعتبر في مقاله المطول أن سلطة الجيش الجزائري مستهدفة بشعار “دولة مدنية لا عسكرية” التي كانت ترفع في الاحتجاجات الشعبية. وأطلق سراح الجنرال المتقاعد حسين بن حديد في بداية العام الجاري، وكان قد اعتقل في شهر ماي 2019، على خلفية رسالة وجهها للفريق الراحل أحمد ڤايد صالح، نشرها في جريدة محلية. وقال بن حديد في رسالته إن الجيش “مدعوّ إلى اتخاذ مواقف سياسية خارج الحل الدستوري وتسليم السلطة إلى الشعب”. وتوبع بن حديد، إثر ذلك، بتهمتي “المساس بهيئة نظامية ومحاولة إحباط معنويات الجيش”، قبل أن يتم إعادة تكييف تهمه إلى جنحة “إهانة هيئة نظامية”. وقد ظهر بن حديد في صورة مع قائد الأركان الجنرال سعيد شنقريحة خلال الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال، وهو ما اعتبر رد اعتبار للجنرال بن حديد. وكان الجنرال توفيق يتواجد في أحد المشافي العسكرية خارج السجن العسكري، أين يقضي فترة نقاهة بعد إجرائه لعملية جراحية منذ 3 أشهر، وفق ما أكده محاميه فاروق قسنطيني في تصريح صحافي. في المقابل كان قد صدر في حق السعيد بوتفليقة أمر بالإيداع بسجن الحراش بتهمة “غسيل الأموال”، وورد اسمه في العديد من قضايا فساد متابع فيها رجال أعمال مقربون منه. وتوبع مستشار الرئيس السابق في القضية المفتوحة ضد وزير العدل الطيب لوح والتي يواجه فيها السعيد بوتفليقة جناية التأثير على أحكام العدالة. وكانت جريدة “الوطن” قد اوردت أن بشير طرطاق قد فتحت ضده المحكمة العسكرية بالبليدة تحقيقا له صلة بقضايا فساد كل من “السيدة مايا” أو الابنة الوهمية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ونجلي جمال ولد عباس الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير كل من إسكندر والوافي المتواجد في حالة فرار خارج الجزائر، وبحسب الجريدة فإن القضيتين الجديدتين تتعلقان بظروف استرجاع الأموال التي تم العثور عليها بمنزلي “السيدة مايا” والوافي ولد عباس.