تجمع آلاف الأشخاص السبت في عدد من المدن في فرنسا لإدانة قانون يجري إعداده ويعتبر منظمو التحركات أنه ينتهك الحريات في بلد تهزه منذ الخميس قضية جديدة تتعلق بعنف الشرطة وتشكل ضغطا على الحكومة. ودعت منظمات للصحافيين وأحزاب يسارية ونقابات ومنظمات غير حكومية للدفاع عن الحريات، إلى التظاهر رفضا لهذا النص الذي يعتبر معارضوه أنه ينتهك حرية التعبير وسيادة القانون، وسط تسجيل أعمال عنف متقطعة في بعض المسيرات. وفي صلب الاحتجاجات التي تصاعدت إلى أن أثارت أزمة سياسية، ثلاثة بنود من مشروع "قانون الأمن الشامل" الذي تلقى الضوء الأخضر من الجمعية الوطنية الأسبوع الماضي، تتعلق بنشر صور ومقاطع فيديو لعناصر الشرطة أثناء أداء عملهم، واستخدام قوات الأمن للطائرات المسيرة ولكاميرات المراقبة. ورأت التنسيقية الداعية إلى التجمعات أن "مشروع القانون هذا يهدف إلى النيل من حرية الصحافة وحرية الإعلام والاستعلام وحرية التعبير، أي باختصار الحريات العامة الأساسية في جمهوريتنا". وكتب على بعض اللافتات "يهزأون بنا"، "من يحمينا من شراسة الأمن؟" و"أخفضوا سلاحكم لنخفض كاميراتنا". وتنص المادة 24 التي تركز عليها الاهتمام على عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو لبث صور لعناصر من الشرطة والدرك بدافع "سوء النية". وتؤكد الحكومة أن هذه المادة تهدف إلى حماية العناصر الذين يتعرضون لحملات كراهية ودعوات للقتل على شبكات التواصل الاجتماعي مع كشف تفاصيل من حياتهم الخاصة. غير أن معارضي النص يشيرون إلى أن الكثير من قضايا العنف التي ارتكبتها الشرطة لما كانت كشفت لو لم تلتقطها عدسات صحافيين وهواتف مواطنين. وفيما اقتصرت المشاركة على 22 ألف شخص فقط الأسبوع الماضي، فإن الرقم أكبر هذه المرة وسط تصاعد الغضب حيال عنف الشرطة. وقد أدى فضح قضيتين للشرطة هذا الاسبوع إلى جعل الحكومة أمام أزمة حقيقية. فالإثنين، تدخلت الشرطة بشكل عنيف لتفكيك مخيم للمهاجرين أقيم في ساحة بوسط باريس في إطار عملية إعلامية لمنظمات مدافعة عنهم، وهاجموا كذلك صحافيين أمام عدسات الكاميرات والهواتف الذكية. لكن الاستنكار بلغ ذروته الخميس عند نشر صور كاميرات مراقبة تظهر ثلاثة عناصر من الشرطة يعتدون بالضرب المبرح على منتج موسيقى أسود. ونددت الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض كبار وجوه الرياضة بعنف الشرطة. ودان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الجمعة هذا "الاعتداء غير المقبول" و"الصور المخزية"، داعيا الحكومة إلى "أن تقد م له سريعا مقترحات" من أجل "مكافحة جميع اشكال التمييز بفعالية أكبر". ونددت الصحافة الفرنسية والأجنبية ب"جنوح أمني" وب"إساءة إلى الحقوق". ومن بين الأصوات المنتقدة رئيسة المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة ميشال باشليه ومقررو حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة. كذلك، طرحت المسألة للبحث في البرلمان الأوروبي. وقال النائب الأوروبي يانيك جادو في بداية التحركات، "ما أنتظره هو أن يستمع رئيس الجمهورية إلى كافة المنظمات - المفوضية الأوروبية، مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، المجلس الدستوري -، إلى كل المعنيين بضمان دولة القانون والحريات الاساسية، وأن يسحب هذا القانون". وإلى مشاركة الهيئات التقليدية اليسارية والنقابية والمجتمع المدني، انضم العديد من الشخصيات إلى الدعوة للتظاهرات التي تجري تحت شعار "رفض أن تكون فرنسا بلد عنف الشرطة والإساءة إلى حرية الإعلام". وعلى غرار الكثير من التظاهرات التي تشهدها فرنسا، أثار مخربون اعمال عنف في عدد من المسيرات. ففي باريس، قلب متظاهرون يرتدون زيا اسود شاحنة صغيرة، واستعانوا بأدوات شتى لإقامة حواجز، كما رموا بمقذوفات تجاه الشرطة.