أكد وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، في إطار حديثه عن رهان التحديث الذي يجب أن يصبح حقيقة، أن بنايات المحاكم يفترض أن تستشرف المستقبل وتستوعب الطاقات البشرية، حيث يرتقب أن يتم توظيف 300 قاض و700 إطار سنويا. واقترح وزير العدل والحريات أن يكون قضاة الحكم "القضاء الجالس" بدون مكاتب داخل بنايات المحاكم، في حين أن هذا المقترح لم يشمل زملاءهم في النيابة العامة "القضاء الواقف" بالنظر لطبيعة عملهم.
أعتقد أن مقترح إلغاء مكاتب القضاة مهما كانت طبيعة عملهم وتخصيص فضاءات أوسع لقاعات المداولة أمر غير مستساغ ولا ينسجم مع طبيعة العمل القضائي الذي لا ينحصر فقط على قاعات جلسات الحكم، خاصة في ظل وضعية بنايات محاكم المملكة التي يوجد عدد منها في وضعية غير لائقة، حسب التعبير المؤدب المستعمل من طرف مسؤولي مديرية التجهيز وتدبير الممتلكات التابعة لوزارة العدل والحريات.
كما أن القضاة في حالة تفعيل مقترح الوزير سيظلون يحملون محافظهم بأيديهم والبحث عن أيادي آمنة لتركها لديها إن اضطروا لذلك، خاصة أنها تحتوي على ملفات المتقاضين، كما أنهم مطالبون بتدبير وضعية حواسيبهم المحمولة أو "الوظيفية".
إن حل جزء من فضاء الاشتغال على حساب عدد من القضاة أمر غير منطقي وغير عملي، خصوصا أن مقترح المحاكم الإلكترونية في أفق 2020 مازال بعيد المنال جدا في ظل تحرير أحكام بخط اليد يستحيل قراءة بعضها حتى من طرف فقهاء "المسيد"، ووجود أجهزة حواسيب "مزينة" لبعض قاعات الجلسات، إضافة إلى ضرورة أخذ معركة كبيرة لتأهيل مساعدي القضاء، مع تخصيص اعتمادات مالية مهمة لذلك، لتشمل الشرطة القضائية، وكتاب الضبط، والخبراء، والموثقين، والعدول، والتراجمة، والمفوضين القضائيين، والمحامين وغيرهم من صانعي القرار القضائي.