في ردّ فعل على الضغوطات الممارسة ضدهم من طرف قايد صالح، الحاكم الفعلي بالجزائر، قدم العديد من القضاة الجزائريين استقالاتهم، احتجاجا على مطالبة المؤسسة العسكرية لهم بنتائج فورية دون منحهم الوقت الكافي من اجل التحقيق في الملفات المعروضة أمامهم. هذا التطور الجديد في ملف المحاكمات الصورية التي أمر بها رئيس أركان الجيش الجزائري، الجنرال قايد صالح، في إطار حملة "التطهير" الانتقائية التي يقودها في الأوساط السياسية والعسكرية، دفع بالعديد من القضاة إلى تقديم استقالتهم بعد طالبتهم الأوليغارشية العسكرية الخاضعة للجنرال قايد صالح "بنتائج" فورية. ولتبرير قرارهم، أشار القضاة المستقلون إلى الضغوط التي تمارس عليهم وقلة الوقت الضروري من أجل التحقيق في الملفات المعروضة عليهم. وتضم هذه الملفات التي كُلّف بالتحقيق فيها هؤلاء القضاء، عددا كبيرا من الوثائق المعقدة، خاصة وأن الشخصيات المستهدفة في حملة التطهير التي يقودها الجنرال تعد بالعشرات من بينهم قادة سابقون وكذا شخصيات قد تعيق طموحه غير المعلن في أن يصبح حاكم قصر المرادية. ويجد ضمن هؤلاء شقيق الرئيس الجزائري السعيد بوتفليقة، والجنرال محمد مدين المعروف باسم "توفيق" (المدير القوي السابق لدائرة الاستعلام والأمن، وهو الجهاز الذي تم حله سنة 2016)، والجنرال عثمان طرطاق، الذراع اليمنى السابق للجنرال "توفيق". كما تتم محاكمة مسؤولين كبار في عهد حكم عبد العزيز بوتفليقة، خاصة الوزيرين الأوليْن السابقيْن، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال. وتم عرض العديد من القضايا الثقيلة على المحاكم منذ فبراير الماضي، إلا أن التحقيق فيها لا يمكن القيام به في غضون شهرين فقط، وكذا النطق بالحكم في حق المتابعين الذين تم اختيارهم بعناية من قبل الجنرال الذي يحرص على تعبيد الطريق أمامه إلى القصر الرئاسي وفرض نفسه رئيسا، ضد إرادة الشعب الجزائري الذي يطالب برحيل جميع رموز النظام، بما في ذلك قايد صالح. وفوجئ المسؤولون على تدبير الجهاز القضائي والتابعين للجنرال بهذه الاستقالات الجماعية للقضاة الغاضبين ورفضوا هذه الاستقالات، غير أنهم لم يجيبوا على طلباتهم بتوفير الوقت الكافي لتحقيق تطلعات الجنرال. يشار إلى أن كل القضايا التي يحقق فيها هؤلاء القضاة تمت فبركتها على عجل بناء على شهادات أو تقارير استماع، وذلك بإيعاز من قايد صالح وزمرته الذين يريدون تأبيد النظام العسكري الذي حكم الجزائر منذ استقلال البلاد.