يواصل الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع في الجزائر، خرق مقتضيات الدستور الجزائري، رغم ادعائه التشبث بمقتضيات أسمى قانون في الدولة وحرصه على تنفيذ بنوده.. فبموازاة تشبثه بتنفيذ الفصل 102 من الدستور ورفضه ما سماه الفراغ الدستوري والمؤسساتي، يصرّ قايد صالح كل يوم على خرق الدستور من خلال قراراته وتعليماته التي تؤكد أن الحاكم الفعلي في الجزائر هو مؤسسة الجيش، وأن قايد صالح هو رئيس الدولة وليس رئيس أركان الجيش.. قايد صالح، الذي لا يترك مناسبة لتذكير الشعب الجزائري بضرورة احترام الدستور، لا ينتبه إلى أن قراراته وأوامره الموجهة للقضاء قصد اعتقال بعض ما سماهم برؤوس الفساد، تعتبر خرقا للدستور ولدولة المؤسسات ومسا خطيرا باستقلالية القضاء، إذ أن قايد صالح لا يحق له ولا لغيره تحريك المتابعات القضائية، وهي صلاحيات موكولة لوزير العدل بأمر من رئيس الدولة، كما ينص على ذلك الدستور الذي يحاول قايد صالح إيهام الرأي العام بأنه متشبث به.. إن قايد صالح هو من يخرق الدستور يوميا من خلال خطاباته ورسائله المليئة بالأوامر والنواهي والتحذيرات، والتي تعمل المؤسسات على تنفيذها بحذافيرها، وهو تجاوز لمهمة الجيش وصلاحياته ومعاكسة لرغبة ومطالب الشعب، الذي يعتبر سيد نفسه ومصدر السلطات كما ينص على ذلك الدستور وخاصة مقتضيات المادة 7 التي تنص على أن "الشعب مصدر كل سلطة" وأن "السيادة الوطنية ملك للشعب وحده"، والمادة 8 التي تنص بأن "السلطة التأسيسية ملك للشعب، وأن الشعب يمارس "سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها"، كما أن الشعب يمارس "هذه السيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخَبين.."، وهي المقتضيات التي يطالب الشعب بتطبيقها متجاوزا بذلك المادة 102 التي يتشبث بها قاتيد صالح ويصر على تطبيقها حرفيا لأنها تعكس مصالحه ومصالح الذين لا يزالون متشبثين بأهداب النظام البائد، وهم يعملون بذلك على استمراره وتجديده بأشكال مختلفة وملتوية.. ثم لماذا يتشبث قايد صالح، إذا كان يهمه الدستور، بارتداء زيه العسكري رغم أنه نائب وزير في حكومة مدنية؟ ألا يشكل ذلك خرقا لمقتضيات الدستور؟، ولماذا يصر على الاستمرار على رأس المؤسسة العسكرية رغم تجاوزه سن 80 سنة؟، هل هناك دولة في العالم يزاول فيها الضباط مهامهم بعد هذه السن؟، أليس هناك ضباط وأطر شباب في الجيش الجزائري يمكنهم القيام بذلك وتخليص الشعب والبلاد من قايد صالح وأمثاله، الذين لا يزالون يحملون أفكارا وإيديولوجيات أكل عليها الدهر وشرب؟. إن ما لا يريد قايد صالح أن يفهمه، هو أن الشعب يريد تغيير النظام وإسقاط كل رموزه، وضمنه قايد صالح نفسه، وهو حق من حقوق الشعب ما دام هو مصدر السلطات، كما ينص على ذلك الدستور الذي يروق رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع أن يذكر الجزائريين بأنه متشبث به.. إن الشعب الجزائري، ومن خلال مطالبه، يريد أن ينتقل إلى نظام حكم مدني يلتزم فيه الجيش بثكناته ويقوم بمهامه وأدواره في الدفاع عن امن وسلامة المواطنين وصد الأخطار الخارجية، وليس رسم السياسات وتنفيذ مخططات بعيدة كل البعد عن طموح ورغبة الشعب الجزائري، والقطع مع نظام عسكري عمّر منذ استقلال البلاد وحكم باسم الثورة وأسكت الأصوات المعارضة بقوة الحديد والنار، وآن الأوان لكي يسلم السلطة للشعب ليختار من يمثله ضمن نظام مدني ديمقراطي.. إن على قايد صالح، كما يطالب بذلك الجزائريون، تلبية مطالب الحراك الشعبي بما أن المؤسسة الجزائرية هي المتنفذة والمسؤولة حاليا على استمرار النظام القديم وهياكل الدولة، والقبول بصياغة إعلان دستوري أي ورقة تضبط تفصيلات المرحلة الانتقالية ومن ذلك اختيار رئيس توافقي أو تشكيل مجلس تأسيسي أو هيئة رئاسة جماعية تضم شخصيات وطنية تحظى بالإجماع يتبع ذلك باختيار حكومة كفاءات وتنصيب لجنة مستقلة لمراجعة قوانين الانتخاب والإشراف على الانتخابات المقبلة وهو روح المادتين السابعة والثامنة من الدستور، لتمكين البلاد من الانتقال إلى التأسيس لجمهورية ثانية بمعنى الكلمة.. ملحوظة: من خلال خطاب قايد صالح، الذي ألقاه أمس الثلاثاء بالبليدة خلال زيارته للناحية العسكرية الأولى، يتضح أن المؤسسة العسكرية ماضية في تنفيذ مخطط النظام البائد، وذلك من خلال التشبث بالتطبيق الحرفي للبند 102 من الدستور، الذي يرفضه الحراك الشعبي، وكذا من خلال تهديد الشعب الذي انتفض ضد رموز النظام من وزراء ومسؤولين كبار، كما أن لجوء قايد صالح إلى اسطوانة "المؤامرة" و"المخططات الخبيثة" و"العدو الخارجي" تكشف أن مؤسسة الجيش لن تسمح بكل سهولة بالانتقال الديمقراطي والقطع مع النظام القديم، لأن هذه المؤسسة هي التي كانت تحكم وهي التي كانت تعين الرؤساء وترسم السياسات الداخلية والخارجية للجزائر، وتنفذها، منذ أن سطت على ثمار الاستقلال سنة 1962..