المحكمة الإدارية بمراكش تقضي بعزل رئيسة جماعة ابن جرير    حزب الاستقلال يقرر إحداث لجنة الأخلاقيات والسلوك    المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب .. توقيع عقد لنقل الغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي    إسرائيل مستمرة في "خطة الجنرالات" التهجيرية    إنفانتينو يشيد بالتطور الرياضي في إفريقيا ويشكر المغرب على استضافة كأس العالم للسيدات        وضع زوجة الدولي السابق يوسف شيبو رهن الحراسة النظرية إثر تسببها في حادثة مميت    زيارة وفد جائزة خليفة التربوية للمغرب    النصب والاحتيال وانتحال صفة يقود شخصا للاعتقال بطنجة    توقيف شخصين بإنزكان وحجز أزيد من 25 طنا من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    أخبار الساحة    رحيمي الأعلى تنقيطا في قمة الهلال والعين    وفاة الداعية فتح الله غولن "عدو أردوغان اللدود"        عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء        فيروس جدري القردة يثير القلق في ألمانيا بعد تسجيل إصابة جديدة    المحفظة العمومية تضم 271 مؤسسة ومقاولة عمومية    بوريطة: المغرب يلتزم بحكامة "التكنولوجيات الناشئة" في إطار متعدد الأطراف    طلبة الطب يردون على خطاب الميراوي بالبرلمان    مناهضو التطبيع يحتجون أمام مقر القناة الثانية تنديدا ببث مسلسل تشارك فيه مجندة إسرائيلية    تقرير مشروع قانون المالية لسنة 2025 يحدد الآفاق الاقتصادية المستهدفة    مولودية وجدة ويوسفية برشيد يواصلان إهدار النقاط وخسارة ثقيلة للاتحاد الإسلامي بالدشيرة    شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    أحمد التوفيق: فتح 1154 مسجداً متضرراً من زلزال الحوز قبل رمضان المقبل    البرازيل تحبط تهريب شحنة كوكايين    جيش إسرائيل يرفع حصيلة قتلى غزة    هل يحتاج الإنسان إلى استعمال اللغة في عمليات التفكير؟        الأمين العام الأممي قلق إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية بشأن الصحراء المغربية    بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني    الرجاء البيضاوي يصطدم بالجيش الملكي في قمة الجولة السابعة..    بعد خضوعه لعملية جراحية.. عميد سان داونز زواني يغيب عن مواجهتي الجيش والرجاء في دوري الأبطال    إبراهيم دياز يعود للتدريبات الجماعية لريال مدريد    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تخصص 40 مليار درهم للحفاظ على القدرة الشرائية    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    وهي جنازة رجل ...    طفيليو الأعراس والمآتم بالمغرب    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام ألماني على الطريق

بعرض القناة الهولندية NIO الأحد 21 مارس الماضي للفيلم التسجيلي ” أحلام نساء “، لمخرجه الصحافي المغربي المقيم في ألمانيا محمد نبيل، يكون أستاذ الفلسفة قد دشن مسارا مغايرا في مقاربة الأحداث والوقائع والأشياء . و يحكي فيلم،”أحلام نساء ” في 38 دقيقة، تجربة ثلاث سيدات ألمانيات قررن اعتناق الإسلام. لكن الشريط يحفر بلغة فلسفية وانثروبولوجية عمق أحلام و حياة هؤلاء النساء الثلاث، و يرصد حكاياتهن التي يجمعها الإسلام، لكن تميزها ممارسات و تأويلات مختلفة للممارسة الدينية. غير إن هذه المقاربة السينمائية لظاهرة اعتناق الإسلام لم تكن أحادية الجانب ، إذ سبق لمخرج الفيلم أن نشر مقالات مختلفة في ذات الموضوع لعل أبرزها مقال نشر بإيلاف قبل شهور .
والفيلم حسب ما أفاد به بلاغ وزعته وكالات متخصصة أنتجته شركة “ميا باراديس للإنتاج”، (MIA PARADIES PRODUCTIONS) و الذي يوجد مقرها في العاصمة الألمانية برلين، ويرى المتتبعون والمهتمون بالسينما “الفلسفية” في البادرة ” خطوة سينمائية تريد من خلالها المؤسسة، تسليط الضوء على ظاهرة اعتناق الإسلام في ألمانيا و أوروبا، و توضيح أبعادها المتعددة، من خلال تدخلات متخصصين، و خبراء في مجال حقوق الإنسان، و الإسلاميات شاركوا في الفيلم، و قدموا مقارباتهم العلمية للكثير من الملابسات، و الأحكام المسبقة التي تعيق التواصل بين أوروبا و المسلمين عامة “.
لكن حضور الشرق بمحموله الثقافي والفني كان حاضرا ، حيث تتخلل الفيلم مقاطع موسيقية تمتزج فيها الروح العربية و الآلة الغربية، و هي من إبداع الفنان الألماني “يانس مالر” . مما اكسب الشريط إبداعا يجمع لغة الصورة المعبرة عن حكي سلس، بدلالة يتوسطها العنف و الحب.
وباستكناه تفاصيل الشريط التيماتية يتضح أن القضايا التي يتطرق إليها ” أحلام امرأة” متعددة من بينها : الإعلام الألماني، العرب و الإسلام، الحجاب و الصراعات الاجتماعية و الإسلام الصوفي، و اختلاف التأويل و التدين بين المسلمين المقيمين في أوروبا.
تبقى الإشارة إلى أن محمد نبيل، عمل كأستاذ فلسفة سنوات عدة بالمغرب بلده الأصلي ، قبل أن يهاجر إلى بلدان عدة من بينها كندا و روسيا و يستقر في ألمانيا، و هو من الإعلاميين المغاربة الذين عملوا في مؤسسات صحفية عدة، غربية و عربية. الصحافي المغربي، يؤكد انشغاله بموضوع المرأة، لكن هذه المرة، بإخراجه لفيلم تسجيلي، يتناول ظاهرة اجتماعية ترتبط بواقع المرأة المغربية، و الذي ينوي تصويره قريبا في المغرب.، ومعلوم إن “ظاهرة النساء الألمانيات اللواتي يعتنقن الإسلام مثيرة، و تستدعي وقفة للتأمل وفهم أبعادها المختلفة. فالظاهرة أضحت مثار جدل في الأوساط الإعلامية و السياسية و الدينية في ألمانيا. ” حيث سبق للصحفي محمد نبيل إن كتب مقالا في الموضوع تساءل من خلاله عن أبعاد هذه الظاهرة؟ وفيما إذا كان المسلمون الجدد يسهمون في تحسين الصورة النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين؟
ولما كانت النساء أكثر اعتناقا للإسلام بألمانيا فإن الآراء متضاربة حول أعداد هن . في معالجته للظاهرة يورد الصحافي محمد نبيل ” أن الإحصاءات المبنية على أساس الانتماء الديني في ألمانيا يصعب العثور عليها، لدواعي ترتبط برأيه “برفض التمييز” ضد المواطنين. مضيفا أن أرقام المراكز الدينية قد تساعد الباحثين في التوصل إلى مؤشرات معينة، في محيط يقدم فيه العديد من المؤسسات الإعلامية في ألمانيا صورا نمطية، وأحكاما قبْلية عن الإسلام و المسلمين منذ أحداث الحادي عشر. لكن هذا الوضع المعقد، يضيف ذات الكاتب “دفع بالعديد من المهتمين والباحثين إلى الإنكباب على دراسة هذه الظاهرة الملفتة للنظر داخل المجتمع الألماني” .
ويعتنق أربعة آلاف ألماني الإسلام كل عام. وفق إحصائيات مؤسسة” أرشيف الإسلام”، في حين تذهب مصادر إسلامية أخرى، كمؤسسة “مسلم ماركت” الدينية والمعروفة بتوجهها الشيعي، إلى أن العدد يصل إلى 40 ألف معتنق للإسلام كل عام، نظرا لأسباب عدة، من بينها عدم تسجيل العديد من الألمان المسلمين أنفسهم في المراكز الإسلامية. وينقل الكاتب عن الباحثة الباحثة الألمانية ماريا إليزابيث باومان ” والتي أصدرت كتابا بعنوان: “طرق النساء المؤدية إلى الإسلام”، قولها “إن قرابة 250 إلى 300 ألمانية تعتنق الإسلام كل عام. أما مجلة “فوكوس” الألمانية ، فتؤكد أنه يوجد مولود من بين كل عشرة له أما مسلمة في ألمانيا.”
ويورد الصحفي محمد نبيل في مقاله المنشور بإيلاف تحت عنوان” ألمانيات يعتنقن الإسلام تتعدد الأسباب والاعتناق واحد” إن المسلمين الألمان يعملون بشكل كبير في المنظمات الإسلامية بألمانيا، وهم ملتزمون ونشطون في المجتمع، لكونهم يتحدثون اللغة الألمانية، وأعرف بدواليب البيروقراطية. وهذا ما ساعدهم على احتلال المراكز والمناصب العليا في بعض المنظمات الإسلامية المعروفة. ومن بين المنظمات النشيطة في هذا الباب: الجمعية الإسلامية الناطقة بالألمانية في برلين (DMK)، وهي تقدم كل يوم جمعة دروسا بالمسجد حول مواضيع الساعة يحضرها الكثير من الشباب الألماني”. فلماذا تقرر النساء الألمانيات و الألمان عموما، تغيير عقائدهم واعتناقهم الإسلام ؟
لتقديم إجابة عن التساؤل أعلاه تؤكد ” مونيكا فولغاب زار” المختصة في مجال السوسيولوجيا الثقافية أن أسباب اعتناق الألمان للإسلام كثيرة و متنوعة، تلخصها في الزواج من مسلم . لكن مدير أرشيف المعهد المركزي للشؤون الإسلامية ، سليم عبد الله يفند ذلك مصرحا ” أن الأرقام المسجلة تشير إلى أن أقلية من المسلمين تدخل الإسلام بسبب الزواج ” . لكن بالرجوع إلى مونيكا ، فإن هناك عوامل عديدة يفصح عنها كتابها ،” كرغبة الألمان في تغيير نمط حياتهم من خلال بناء نظام أخلاقي جديد، هذا إضافة إلى الهجرة الرمزية التي يمارسها العديد منهم بحثا عن انتماء مغاير يجدونه في الإسلام بعيدا عن الوطن والعرق الألماني. ونشير إلى أن مونيكا فولغاب، قامت كذلك بتسليط الضوء على الألمان الذين، وبسبب التهميش الاجتماعي، يلجأون إلى البحث عن سبل الاطمئنان و الاندماج داخل مجتمعهم الأصلي. فالعديد منهم دخلوا الإسلام متخذين المسلمين المقيمين بألمانيا نموذجا للإقتداء. أما فئة أخرى من الألمان، فقد قررت السفر و العيش في البلدان الإسلامية، ما يسمح لها باكتشاف الإسلام، ويساعدها على تبني ثقافة هذه البلدان”.
وبما أن أغلبية الألمان المسلمين هم من النساء، فقد ركزت الباحثة” ماريا إليزابيث” في دراستها على الأسباب الدينية والشخصية والاجتماعية التي تدفع الألمانيات إلى الدخول إلى الدين الإسلامي، ومن أهمها الرغبة في تبني هوية دينية جديدة. ومن أجل بلوغ هذا الهدف، تقوم الألمانيات بأسفار ورحلات متعددة، فيكون ذلك دافعا للمساءلة و التشكيك في بعض ثوابت و تعاليم الدين المسيحي. هذا مع الإشارة إلى كون جزء كبير من الألمانيات يسحره الاطمئنان الروحي و النفسي الذي يبديه العديد من المسلمين المقيمين بألمانيا، ما يكون حافزا يدفعهن إلى بذل الجهد لمحاربة الفراغ الروحي و النفسي الذي يعانين منه”.
شريط ” أحلام نساء ” تكمن أهميته في” الإطلاع على أسباب و أبعاد ظاهرة اعتناق المسلمات الألمانيات للإسلام، لذلك كان لابد من استحضار ضرورة التعرف على حياتهن اليومية. وحسب مقال للكاتب محمد نبيل لا يمكن الحديث عن موضوع المسلمات من أصل ألماني، دون استحضار حليمة كراوزن، التي يقترن اسمها بالباحثة و المتخصصة في ما يصطلح عليه البعض في الوسط الإسلامي ب “علم أصول الدين النسوي”. فهذه الباحثة التي ولدت بمدينة “آخن” عام 1949، بين أحضان أم بروتستانتية وأب كاثوليكي، تعلمت اللغة العربية وقامت بأسفار عديدة إلى الشرق وأوروبا، ودرست القانون الإسلامي والفلسفة بهامبورغ، حيث عملت على تكوين جالية ألمانية بعد دخولها الإسلام عام 1963. هذا إلى جانب كونها قامت بترجمة القرآن، رفقة فريق من الباحثين وألفت الكثير من الكتب في الحديث والقانون. وقد وصفتها جريدة الزمن الألمانية قائلة: “حليمة كراوزن هي تلك المرأة المحتجبة التي ترعى 400 عائلة مسلمة من أصول ألمانية بهامبورغ، وتقدم الدروس حول القرآن وتكتب مقالات في مجال الثيولوجيا، وتعمل أستاذة بالجامعة” . فهل يبشر الفيلم بإسلام ألماني في الطريق؟
تكاد الصورة التي يقدمها الألمان المسلمين عن الإسلام، تختلف عن تلك الصورة التي يعكسها المسلمون الذين ولدوا في بيئة إسلامية، يرجعها مخرج الشريط الى اعتبارات عدة منها المستوى التعليمي و الاجتماعي و الشروط السياسية والعلمية. ولعل هذا ما يكسب الشريط طابعه الاركيولوجي الحفري في ذوات إنسانية متباينة الأعراف والثقافات ، لكن الرغبة في للحياة وصفاء الروح تعريشات فلسفية هي بالضبط ما يمكن أن يكسب الشريط طابعه الإبداعية وميازته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.