أنس بنضريف - هنا أمستردام وسط اهتمام إعلامي كبير، بدأت اليوم محاكمة البطل المغربي العالمي بدر هاري في العاصمة الهولندية أمستردام. أربعة أيام كاملة تتحول فيها المحكمة والمحاكمة إلى "سيرك" كبير بالنظر للاهتمام الإعلامي منقطع النظير سواء من الإعلام الهولندي أو الدولي، وكذلك بالنظر للتهم المنسوبة للبطل الشاب في رياضة الكيك بوكسينغ.
المدعي العام يطالب بعشر سنوات سجنا للفتى الهولندي الشقي الذي يلعب باسم المغرب في الملتقيات الدولية، والذي اصبح ملهما للكتاب وحتى لوكالات الاسفار التي اصبحت تنظم رحلات يومية للسياح لزيارة احياء أمستردام الشرقية التي شهدت طفولة بدر هاري والنوادي التي لعب فيها والمطعم الذي التقى فيه حبيبته لأول مرة.
الكتاب و بدر هاري
حتى الآن نشرت اربع سير ذاتية حول حياة بدر هاري، وستصدر رواية خامسة خلال الاسابيع القادمة تحت عنوان: "الفتى الشقي" للكاتب الهولندي المغربي عبد القادر بنعلي. ويشرح عبد القادر بعض مجاهل شخصية بدر هاري فيراها جد مثيرة، ليس فقط بسبب انجازاته داخل الحلبة ولكن ايضا بسبب انفعالاته خارجها.
"ترعرع بدر في احد الاحياء الشعبية في امستردام من والدين مغربيين"، يقول عبد القادر، و"كونك مغربي في امستردام يجعل فرصك في الترقي في السلم الاجتماعي شبه مستحيلة". يمثل بدر هاري ظاهرة صوتية وعضلية في مجتمع هولندي تطغى عليه الرتابة، يوضح بنعلي. وقد ألهم هذا الشباب المغربي أقرانه من الجيل الثاني بهولندا، إذ يرون فيه البطل الذي يتحدى الجميع ويتمرد على القوانين والاوضاع السائدة بطريقة عنيفة. قصته تولد تعاطف الشباب معه كتعاطف الجمهور مع زعماء المافيا الايطالية في افلام ال باتشينو.
مغربي من امستردام يرى عالم الاجتماع الهولندي هانس فان دوساند ان مجموعة كبيرة من الشباب المغربي ترى في بدر هاري بطلا لتصرفاته المتمردة. انه يتصدر الاخبار ويسرق قلب احدى حسناوات أمستردام، ويكتب عنه الروائيون ويصنع اليابانيون دمى تشبهه لتباع بالآلاف.
بدر هاري نجح بطريقته الخاصة حين فشل الآلاف من بني جلدته الذين يقاسمونه الأصول ذاتها والوضع الاجتماعي، ولكن لا يقاسمونه نفس النجومية وحتما ليس نفس المصير. في نفس السياق يشبه هنري بوندرس استاذ تاريخ المجتمعات بدر هاري بالأمريكي الزنجي اوجي سيبمسون الذي يعد من اشهر لاعبي كرة القدم الامريكية. وكان قد اتهم بقتل زوجته وعرفت اطوار المحاكمة تغطية ضخمة آنذاك. حسناء أمستردام تجتمع في بدر العناصر الثلاثة التي يجب ان تتوفر في المواضيع التي تأخذ باهتمام الإعلام: الشهرة والعنف والعنصرية. "الفتى الشقي" يعبر عن الشباب المغربي من الجيل الثاني للهجرة الذي يعاني من عنصرية في المدرسة والشارع والعمل. جيل بعض افراده فقدوا الثقة في المؤسسات و في القانون.
ما اضاف لقصة بدر نكهة خاصة علاقته ببنت أخ اسطورة كرة القدم الهولندية يوهان كريف والتي تركت زوجها ريد خوليت احد نجوم المنتخب الهولندي لكرة القدم في التسعينات لترتمي في احضانه. كيف تتعلق هذه الشقراء بهذا المغربي الذي يضرب داخل الحلبة وخارجها، تتساءل الصحافة الهولندية؟ وكيف يسرق بدر قلب هذه الحسناء في وقت تتجنب فيه الهولنديات الشباب المغاربة بسبب صور العنف النمطية المرتبطة بهم؟
لعل البلد الوحيد الذي يحترم فيه بدر هاري القانون هو المغرب؛ المكان الذي يلجأ إليه باستمرار بحثا عن الذات وعن استقرار نفسي. قصص بدر المثيرة مع الشرطة لن تنتهي بإصدار الحكم عليه في قضية استعمال العنف. فقد رصد في شوارع موسكو في نهاية الأسبوع الماضي وهو يتجاوز بسيارة الفيراري 300 كلم في الساعة.
بدر هاري كما قال عنه المعلق التلفزيوني الأمريكي مايكل بوفر: "إنه يشبه نجوم موسيقى الروك" . تشبيه يتمنى محبو "الفتى الشقي" ان لا تكون نهايته مأساوية مثل اغلب نجوم هذا النوع من الغناء.