عين "الباطوان"...مياه لا تتحدث عنها الجهات الوصية إلا لماما لحساسية إبداء رأيها في طبيعة و جودة مياهها و نتائج تحاليلها، كما لا يسهل على الأطراف المعنية و المتداخلة بمراقبتها التحدث إلى وسائل الإعلام بسهولة لكون إثارة جودة المياه من عدمه تتحكم في المقاربة الأمنية قبل السلامة الصحية، و حتى فعاليات المجتمع المدني تبقى معرفتها بحيثيات الموضوع سطحية و غير ذات قيمة، لهذا اخترنا بموقع "تازاسيتي' الاقتراب من حيثيات و تفاصيل موضوع شائك اسم "عين النسا" أو بالعامية "الباطوان" نسبة للكلمة الفرنسية (لابطوار La battoire). زيارة فرضتها الظرفية...
طفا مشكل جودة الماء الصالح للشرب و الاستعمال بالشارع التازي بالتزامن مع انقطاع هاته المادة الحيوية على عدد من الأحياء السكنية بالمدينة خلال اليوم الثاني من شهر رمضان الجاري، إذ لم تخل أسئلة بعض النسوة من الشك في لون و طعم المياه القادمة عبر صنابير المنازل خلال الشهور الأخيرة، و ارتفاع قيمة الفواتير في غياب الجودة المفترضة، أسئلة و أخرى ستتفاقم حدتها خلال مرافقة عدد من المواطنين في رحلة جلب المياه من عين "الباطوان" التي أصبح في غفلة من عين محج أهالي المدينة المنقسمة حول صلاحيته للشرب، و أخرى من عدمه؟؟؟
أول الغيث قطر...
هل هي صالحة للشرب؟ تساؤل، حمله موقع 'تازاسيتي' بادئ الآمر إلى الجهة المعنية المفوض لها بتدبير قطاع الماء بتازة، حيث لم تجد من جواب نافي سوى "نعم..مياه غير صالح للشرب وفق دراسات مخبرية كشفت عن وجود مكروبات دالة على التلوث...." دون الإدلاء بأية وثيقة تعليلية، مشيرة "أن سلامة وجودة المياه بالمنازل لم تمس و بأنها تخضع للمراقبة بصفة دورية"، أما عن جودتها فقد اعتبرت ذلك استثنائيا بعض الاحياء رابطة إياه بفترة قصيرة فور الانتهاء من بعض الأشغال العمومية أو التساقطات المطرية...
أول الغيث قطر ثم ينهمر...
قالها المتصوفة قديما "التخلي أصعب من التحلي"، فإذا كانت كل الظروف تدفع للتخلي عن هذه الموضوع، بدءً من صعوبة التسجيل أو التصوير ب "عين" تشكل مصدر عيش موسمي لشباب الحي إلى حجب الوثائق الرسمية و الاكتفاء بالإشارة إلى رؤوس الأقلام...فإن "الرياح أتت بما تشهيه السفن"، حيث أكدت مصادر بمندوبية الصحة بتازة كون مياه "عين الباطوان" غير صالحة للشرب فقط دون الاستعمالات الأخرى (الري، الاستعمال المنزلي، الغسيل...).
إذ استندت مصادر موقع "تازاسيتي" في ذلك على نتائج مخبرية سابقة للمعهد الوطني للصحة بالرباط، التي كشفت عن ارتفاع مكون "النترات" في تركيبة مياه ال "عين" بما قيمته (106 مليغرام/لتر سنة 2005، 77 ميلغرام/ لتر سنة 2007) علما أن الحد الأقصى المفروض تواجده في مياه صالحة للشرب هو 50 ميلغرام في اللتر الواحد، مذكرة عن اتخاذ الفرقاء لمجموعة من الإجراءات الوقائية بعد ثبوت عدم صلاحيته في الشرب سنة 2007.
و في استفسار عن طبيعة الإجراءات، كشفت ذات المصادر ان من بين التوصيات المصادق عليها من لدن المصالح المعنية خلال اجتماع رسمي، هو توطين لوحة تحذيرية أمام ال "عين" كتب عليها آنذاك "ماء غير صالحة للشرب" و إخراج حنفية للشرب من المجازر البلدية، مؤكدة كون ارتفاع نسبة النترات (الناتج عن تحلل مواد عضوية آزوتية) في المياه من شأنه التسبب في مرض السرطان للإنسان العادي على الأمد الطويل، و الإسهال للأطفال الصغار على الأمد القصير، هذا و قد يضر بعض المصابين بالأمراض المزمنة.
عين الباطوان مصدر للعيش
تمثل "عين الباطوان" مصدر عيش لعشرات الشباب العاطل و عملا موسميا لعشرات القاصرين في الصيف ... بطالة مقنعة تخفي ورائها حركة اقتصادية خفية عن الإحصائيات، يقول "محمد" شاب في عقد الثاني خلال درشة هامشية "كُلْ نهْار و رَزقُوا كَايْن لعْشِية لكَنصُور 50 درهم و كَاين لعَشية 30 درهم على احْساب، سِيرتُوا كَاين النَاس لكَيجِيو هنَا يَغسلو سيارتهم باَش يجيِبوا المَغْرب (الآذان)" و يُضيف "وا رَاك عَارف آصديق كُولشي ولاَ باغي يَغسَل و يعْمر الما"، يقول آخر "أنا كَنعاون الناس يَعمروا المَا فاشَ ك يْكْون الزحَام، كندخل من جِهة السّاقية، و خَا نفزك ماَ شِي مُشكل" بكم (شحال)؟؟ "ليي كان...مرة كيعطوني درهم مرة 2 دراهم" و حنا بشحال تعمرنا "آ لي بخيتوا"…
لكن إن كانت العين مصدر عيش العاطلين و مصبنة لبعض مموني الحفلات في تنظيف الزرابي و المناديل (...) فإنها تُشكل مصدر انشغال للسيد أشملال أمين مال ودادية النور، و القاطن بحي المجازر (الباطوان) من ستينات القرن الماضي، إذ أكد لموقع "تازاسيتي" عن حيرته من استمرار شرب مياهها من عدمه، و هو ما حذا به إلى مراسلة كل من وزارة الصحة، عمالة تازة، الوكالة المستقلة لتوزيع الماء بتازة دون تلقيه لأي رد كتابي رسمي في الأمر، علما أنه توقف شخصيا عن شربها منذ علمه حول الشكوك المثار حولها و بصحيح عبارته "الوقاية خير من العلاج"، مؤكدا عن عدم توطين أي لوحة تحذر من شرب مياه ال "عين" أو إخراج لصنوبر ماء من المجازر.