في الوقت الذي ساهمت عروض التمويلات البنكية المختلفة لمشاريع امتلاك سكن، تصطدم رغبة الكثير من المواطنين في تحقيق هذا الحلم، بمشكلة أخرى، تتمثل في مطالبة البائع لهم بمبلغ مالي ينضاف الى المبلغ المصرح به، ليجهض بذلك هذا الطموح في مهده عند عدد كبير من الاسر ذات الدخل المحدود. "النوار"، هو مبلغ اضافي يفرض صاحب المشروع العقاري على الراغب في امتلاك سكن دفعه "تحت الطاولة" دون التصريح به، مما يرفع ثمن السكن الى نسب عالية، تصل في كثير من الأحيان الى 40 في المائة تبقى ربحا صايا لفائدة المنعش العقاري لا تخضع ﻷية واجبات ضريبية، حسب ما سجلته طنجة 24 من خلال معاينة ميدانية، واكدتها تصريحات مواطنين اجهضت احلامهم في امتلاك "قبر الحياة". "اثارني اعلان يخص بيع شقق اقتصادية بطريق الرهراه، اللافتة تقول تحدد السعر في 25 الف درهم، وعند الاتصال بمكتب البيع تفاجأت باثمنة أخرى تراوح ما بين 270 الف درهم و 350 الف درهم"، يحكي شاب من مدينة طنجة، تجربته مع البحث عن سكن يعتزم اقتناءه عن طريق التمويل البنكي. ويضيف هذا الشاب في بوح لجريدة طنجة 24 الالكترونية، ان وكيل البيع اكد له ان التصريح سيهم مبلغ 250 ألف درهم، فيما عليه تسليم المبلغ الآخر قبل توقيع عقد البيع ومباشرة الاجراءات الأخرى. وحسب المتحدث، فإن هذا الشرط الذي يعتبره ضمن خانة الابتزاز، يضيع عليه الفرصة لامتلاك سكن سيستمر في دفع اقساطه لسنوات طويلة. "فأي منطق يجعل تؤلاء المنعشين يكالبونك بمبلغ اضافي وانت لا تكاد تتوفر على المصاريف الاخرى التي تصاحب عملية تملك السكن؟"، يتساءل هذا الشاب في مرارة لافتة. على ناصية شارع الجيش الملكي المعروف ب"طريق الرباط"، تنتشر لافتات تدل على عروض متاحة خاصة بالسكن الاقتصادي، وعلى مد البصر تظهر بعض المشاريع السكنية منها ما هو في طور البناء وأخرى جاهزة للتسليم. لكن هذا الجراء الاخير لا يمر بالضرورة وفق المساطر المحددة قانونا وكما تدل عليه الاعلانات المنتشرة. وفي هذا الصدد، يعترف وكيل ﻷحد المشاريع السكنية الاقتصادية، بان الثمن الذي يتم التصريح به لا يتجاوز 200 الف درهم، مشيرا الى ضرورة اضافة 50 الف درهم في إطار "النوار". يذكر ان الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، كانت قد أطلقت حملة ضد "النوار" في 2010 من أجل إرساء دعائم الشفافية في القطاع تماشيا مع ميثاق الآداب وأخلاقيات المهنة الذي اعتمدته في هذا المجال، عبر دعوة الفاعلين في الإنعاش العقاري إلى الإعلان على واجهات العمارات التي يشيدونها أن "أثمنة البيع مصرح بها 100 في المائة". ومن أجل محاربة التهرب الضريبي في المعاملات العقارية من خلال عدم التصريح بقيمة بيع العقار الحقيقية، اعتمدت المديرية العامة للضرائب إجراءات جديدة غير مسبوقة تمثلت في وضع أثمنة مرجعية لبيع العقار بمختلف أنواعه وشرعت في العملية بمدينة الدارالبيضاء لتعممها على عدد من المدن الأخرى، وذلك بهدف احتساب الضريبة بناء على الأثمنة المرجعية وليس التصريح. ومن شأن هذه المبادرة التي اعتمدتها المديرية العامة للضرائب المساهمة بشكل كبير في محاربة ظاهرة "النوار"، وكذا تفادي الخلافات بين أرباب العقارات والإدارة الضريبية بشأن القيمة الحقيقية للعقار في إطار آلية المراجعة الضريبية.