في الوقت الذي كانت النقابات تحشد انصارها للمشاركة في مسيرات “عيد العمال” الذي يصادف تاريخ الفاتح من ماي، كان افراد شريحة واسعة من المواطنين، قد وضعوا اللمسات الاخيرة لتنفيذ برنامج خاص بهذا اليوم، حيث يممت العديد من الاسر وجماعات الاصدقاء، نحو المنتزهات والفضاءات الطبيعية التي تزخر بها مدينة طنجة.ولا يبدو ان الطقس المتقلب الذي يسود المنطقة، منذ اليوم الاول للاسبوع الجاري، قد اثر كثيرا في اختيار هذه الشريحة من المواطنين التي تفضل الارتماء في احضان الطبيعة، بعيدا عن صخب المسيرات واصوات المطالب العمالية، التي كانت شوارع مدينة طنجة مسرحا لها.فتحت سماء تلبدها بين الفينة والأخرى غيوم كثيفة تسفر أحيانا عن زخات مطرية خفيفة، أمضى العديد من سكان طنجة، يوم عطلتهم بمناسبة عيد الشغل، وسط رحاب الطبيعة الخلابة في منتزهات المنار والرمبلات والغابة الديبلوماسية، وغيرها من الفضاءات التي تتميز بها “عروس الشمال” داخل مجالها الحضري وخارجه.ويجد اختيار هؤلاء المواطنين، مبرره، حسب تصريحات للعديد منهم لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، في عدم اقتناعهم بنضال الهيئات النقابية أو الحقوقية، الذي فقد مصداقيته، بالإضافة إلى الرغبة في أجل التخفيف من ضغوط العمل اليومية واستراحة من جو الروتين، مستفيدين من كون الفاتح من ماي الذي يصادف عيد العمال، عطلة يستفيد منها الجميع سواء في القطاعات الخاصة أو القطاعات العمومية.ويبرز أنس الفاتحي، وهو موظف في القطاع الخاص، ان “فاتح ماي يعد فرصة ذهبية للذين يعانون من ضغوط العمل، حيث تعتبر هذه المناسبة من بين المناسبات القليلة التي تجتمع فيها العائلة أو الأصدقاء حول مائدة واحدة خارج المنزل، في جو يملأه النشاط والمتعة.”وفي نظر هذا الفاتحي، فان خرجة فاتح ماي مع العائلة او الاصدقاء، كفيلة بالتخفيف ضغوط العمل عنه، علاوة على انها مناسبة للتجمعات العائلية الحميمية، والتي بدأت تنقص شيئا فشيئا مع تطور وسائل التواصل عن بعد.وغير بعيد عن المدينة، إختارت مجموعة من العائلات الطنجاوية التوجه خلال هذا اليوم الفريد، إلى منطقة المنار المتواجدة بأعلى منطقة شرق المدينة، حيث يمتزج هدوء الغابة بصخب الأمواج، وتختلط رائحة الأكل الشهي المحضر فوق نار الحطب برائحة تراب المسقي بالامطار التي ما تزال تتساقط من وقت ﻵخر على المنطقة.وتبرز حسناء الرمحاني، طالبة جامعية، عادتها قضاء فاتح ماي رفقة مجموعة من أصدقاء الدراسة، “لاعتبار هذا اليوم يكاد يعتبر المتنفس الوحيد خاصة امام اقتراب موعد الامتحانات، فضلا عن قرب حلول شهر رمضان”.وتضيف الرمحاني، ان “هذه النزهة السنوية، تتميز بتبادل الحديث والأخبار مع أشخاص افتقدناهم منذ مدة طويلة نظرا لمجموعة من الإلتزامات الشخصية.”وحسب ذات الطالبة الجامعية، فرغم كون العطلة تأتي في يوم واحد فقط، إلا ان ذلك يعتبر كافيا من أجل إراحة الذهن والبال، والعودة بروح جديدة ونفس أطول لإستكمال ما تبقى من العمل خلال الأيام القادمة.وتزخر منطقة طنجة، بالعديد من المعالم الطبيعية، التي تشكل قبلة لساكنتها وزوارها، على مدار أيام الأسبوع، أبرزها منتجع غابة الرميلات، القصي عن وسط المدينة بحوالي تسعة كيومترات في اتجاه الضاحية الغربية، حيث يشكل هذا المكان فضاء مثاليا للاستجمام، بفضل مميزاته العديدة، حيث يشكل جزء منه محمية طبيعية لأنواع نادرة من الحيوانات والطيور والنباتات، فضلا عن إطلالته على مضيق جبل طارق، الفاصل بين إفريقيا وأوروبا.وغير بعيد عن غابة “الرميلات”، توجد سلسة غابات “كاب سبارتيل”، المطلة على ملتقى البحر الابيض المتوسط والمحيط الاطلسي. فالعديد من المرشدين السياحيين، يشرحون لمرافقيهم أن الجزيرة المغمورة بمياه البحر هي جزيرة أطلنتيس الأسطورية، التي يحكى أنها كانت تعرف كإحدى أبرز الحواضر بالحوض المتوسط، قبل أن تغرق وسط أمواجه.