تحولت الجماعة الترابية اكزناية، الواقعة في الضاحية الجنوبية لمدينة طنجة، خلال السنتين الأخيرتين، إلى قطب حضري وعمراني صاعد بفضل سلسلة من المشاريع المهيكلة التي عززت البنيات التحتية وساهمت في تجويد التخطيط الحضري وأطلقت شرارة دينامية تنموية متميزة ومتواصلة. ولعل آخر المبادرات الرامية إلى إرساء أسس تنمية اقتصادية متوازنة وعادلة داخل المجال الترابي التابع لعمالة طنجة-أصيلة، إطلاق البرنامج المندمج لتأهيل وتنمية جماعة اكزناية خلال سنتي 2021-2022، بتشارك بين عدد من القطاعات الوزارية والهيئات المنتخبة، وبإشراف مباشر من ولاية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وتنفيذ من وكالة إنعاش وتنمية الشمال. بغلاف مالي يناهز مليار و90 مليون درهم، تمت برمجة مجموعة من المشاريع المهيكلة في مختلف القطاعات ضمن هذا البرنامج الطموح، في سبيل تحقيق التنمية المندمجة المتكاملة لجماعة اكزناية وتقليص التفاوتات الاجتماعية والمجالية والارتقاء بها إلى جماعة حضرية متكاملة، تضم أقطابا اجتماعية واقتصادية وثقافية. وساهم في تعبئة الميزانية المرصودة لهذا البرنامج كل من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة الثقافة، وولاية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ومجلس الجهة، ومجلس جماعة اكزناية، ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، وشركة العمران، والشركة المفوض لها تدبير وتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بطنجة. ووفق مقاربة تقوم على الالتقائية وتضافر الجهود، تم استهداف أحد عشرة قطاعا حيويا، وذلك بهدف تعزيز مقومات الجاذبية الاقتصادية والمجالية لجماعة اكزناية وتقوية البنية الطرقية التحتية وشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، وتحسين ظروف التمدرس، ودعم المجال الثقافي والرياضي والمحافظة على البيئة. في هذا الإطار، قال إلياس العطافي، المهندس بوكالة إنعاش وتنمية الشمال، إن "برنامج تنمية وتأهيل جماعة اكزناية يروم تحقيق أسس التنمية المندمجة المتكاملة وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية عبر استهداف مجموعة من القطاعات الحيوية، والتي تتوزع على أربعة محاور رئيسية، تتمثل في محور البنيات التحتية والتأهيل الحضري، والمحور الاجتماعي، والمحور الاقتصادي، والمحور البيئي". واستأثر محور التأهيل الحضري والبنيات التحتية على الحصة الأكبر من ميزانية البرنامج، حيث تم تخصيص 833,2 مليون درهم لإنجاز مشاريع غيرت من وجه جماعة اكزناية وجعلتها تتحول إلى مركز حضري يليق بالنهضة الشاملة التي شهدتها جهة الشمال عموما، ومنطقة طنجة على وجه الخصوص. وشملت هذه المشاريع إنجاز الطرق المهيكلة وطرق القرب ومنشآت تصريف مياه الأمطار وتأهيل الأرصفة، وتحديث قطاع النقل، وتقوية وتوسيع شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء، وكذا تهيئة الفضاءات الحضرية وإحداث ملاعب القرب بمختلف أحياء الجماعة، وتشييد محطات عصرية ومجهزة للحافلات وسيارات الأجرة.
بهذا الخصوص، أوضح إلياس العطافي، في تصريح للقناة الإخبارية M24، التابعة للمجموعة الإعلامية لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه تم إنجاز 33.6 كلم من الطرق المعبدة و 236 متر مربع من المسالك بالخرسانة، كما تم تعزيز الطريق الوطنية رقم 1 التي تخترق مركز الجماعة بممر تحت أرضي من أجل تحسين انسيابية حركة السير، عدا إنجاز مرائب تحت أرضية للسيارات لتحسين جودة السير والجولات. على الصعيد الاقتصادي، اعتبر رئيس جماعة اكزناية، محمد بولعيش، أن من شأن مشاريع البنيات التحتية الكبرى وتقوية شبكات الماء والكهرباء والإنارة العمومية إلى جانب الطرق والكورنيش بالشريط الساحلي بمنطقة سيدي قاسم ومشروع حماية الجماعة من الفيضانات، أن تساهم في تحسين جودة حياة السكان وفي توفير الأرضية الملائمة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات ومواصلة الدينامية الاقتصادية التي تشهدها الجماعة. بالفعل، فعلى تراب جماعة اكزناية تقع المنطقة الحرة للتصدير ومنطقة صناعية أخرى بها العشرات من الوحدات الإنتاجية التي توفر عشرات الآلاف من مناصب الشغل القارة، وهو ما ساعد الجماعة لكي تبصم على دينامية عمرانية واقتصادية معتبرة. وضمن البرنامج المندمج لتأهيل وتنمية جماعة اكزناية، فقد تمت برمجة 45 مليون درهم لبناء أسواق للقرب مجهزة بشكل حديث لتنظيم قطاع البيع بالتقسيط، حيث تم في هذا الصدد الانتهاء من بناء سوقين للقرب مجهزين بمواقف للسيارات يضمان معا 150 فضاء للبيع. أما اجتماعيا، فقد تم إنجاز مشاريع بغلاف مالي يصل إلى 120,4 مليون درهم، تم عبرها بناء مؤسسات تعليمية وإنجاز ملاعب للقرب ومركب ثقافي ومركز للتربية والتكوين لفائدة المرأة، إلى جانب بعض المرافق الجماعاتية الأخرى. وقال عبودي رشيد، عن جمعية التواصل للتنمية والأعمال الاجتماعية والثقافة، إن المشاريع المنجزة ساهمت في تحسين مؤشرات التنمية على مستوى الجماعة، من خلال تقريب عدد من الخدمات لفائدة الساكنة، التي تلقت هذه المبادرات بكثير من الترحيب والتنويه . ولعل مشروع المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة، والذي أنجز فوق تراب جماعة اكزناية بعناية مولوية سامية، يعتبر مثالا بارزا على قدرة هذه الجماعة الترابية على تحقيق تكامل في الخدمات والموارد مع مدينة طنجة باعتبارها عاصمة للجهة. على الصعيد البيئي، تم القيام بعدد من المبادرات الرامية إلى تشجير المساحات الخضراء، إلى جانب مشروع تأهيل وادي اكزناية وحماية المركز من الفيضان، وبناء محطة لمعالجة المياه العادمة واستغلالها في ري المناطق الخضراء بتجمع طنجة الكبرى، دون إغفال مشروع إحداث منتزه الغابة الدبلوماسية وفق أرقى المعايير البيئية وتحويله إلى فضاء لممارسة الرياضة والتنزه . وقد تكامل برنامج تأهيل جماعة اكزناية مع برنامج طنجة الكبرى من حيث المرافق المنجزة وترابط البنيات التحتية وتكامل الخدمات المقدمة وفق فلسفة تضع المواطن في قلب المشاريع المنجزة.