يتحدث الكثير من الناس عن تفاحة نيوتن التي أحدثت ثورة في مجال الفيزياء ويقارنونها بتفاحة "آبل" التي أحدثت خرقا في عالم التكنولوجيا. ففيما أضحى واضحا للجميع أن شركة آبل هي الآن واحدة من أكبر الشركات المصنعة للحواسيب وأجهزة الهاتف في العالم، وربما يعتبرها البعض الأولى في هذا المجال، يجهل الكثيرون أن سر نجاح هذه الشركة يعود لستيف جوبز الذي يعد شخصية استثنائية في عالم النجاح والتطوير. عرف جوبز بأنه المؤسس والمدير التنفيذي لشركة آبل، وفي أثناء فترة إدارته للشركة أنتجت الشركة حواسيب ال"ماكنتوش" بأنواعها بالإضافة إلى أجهزة "آيفون" و"آيباد" و"أيبود" التي تعد من أكثر الأجهزة المحمولة مبيعا في العالم. في العام 1976 صنّع جوبز مع شريكه "Steve Wozniak" أول جهاز كمبيوتر هو "آبل 1"، وخلال عام كشفوا النقاب عن "آبل 2" أول جهاز كمبيوتر شخصي ناجح تم إنتاجه على المستوى التجاري. نجاح تلك الكمبيوترات جعل من جوبز مليونيرا في العام 1978 أي عندما كان عمره 23 عاما فقط، وبحلول 1981 أصبحت شركة آبل واحدة من أكبر 3 شركات منتجة للحواسيب الشخصية في الولاياتالمتحدة عام 1983 عينت آبل جون سكولي مؤسس شركة "بيبسي" رئيسا تنفيذيا للشركة، فحاول سكولي التركيز على الأعمال التجارية الصغيرة والأسواق المحلية، الأمر الذي انعكس سلبا على مبيعات آبل حينذاك، وأدى إلى نشوب صراعات داخلية في الشركة. وبعد عامين من الصراعات والخلافات الداخلية قرر جوبز بيع أسهمه والانفصال عن آبل سنة 1985، واصطحب معه عددا من موظفي آبل لينشئ شركته الشخصية تحت اسم "Next Step" التي استثمر فيها حولي 7 ملايين دولار، كما دخل الملياردير "دوس بيروت" كشريك مساهم في الشركة. أطلقت الشركة أول كمبيوتر يحمل اسم "Next" في عام 1990، وبحلول 1993 باعت الشركة حوالي 50 ألف جهاز، انتقلت بعدها إلى مرحلة تطوير البرمجيات حتى وصلت أرباحها إلى مليون دولار في عام 1994. وسنة 1996 عاود جوبز التواصل مع شركة آبل من جديد، ومع نهاية العام وافقت آبل على منح شركة Next مبلغ 429 مليون دولار، كما مُنح جوبز أسهما في آبل بقيمة 1.5 مليون دولار. وبعد مرور 7 أشهر على إتمام تلك الصفقة عين جوبز رئيسا تنفيذيا لآبل، وقد قامت الشركة بتلك الخطوة كسعي منها للتطوير وإدخال مشاريع جديدة. قام جوبز بعد توليه المنصب الجديد بفصل العديد من الموظفين، كما ركز على أعمال تطوير البرمجيات من أجل مواكبة باقي الشركات الرائدة في هذا المجال، وفي نفس الوقت عمل جوبز على صناعة أجهزة تعمل ببرمجيات "ماكنتوش". في تلك الفترة اعتمد جوبز على التقنيات الموجودة في أجهزة "Next" لتطوير منتجات آبل، وطور جوبز نظام التشغيل "Next Step" المتعدد المهام ليصبح "Mac osx" واستخدمه في منتجات ك"iMacboosted"، وبحلول عام 2000 كان مجلس إدارة آبل على استعداد لتعيين جوبز رئيسا تنفيذيا رسميا للشركة. وبدأ جوبز بعدذاك العمل على تطوير الكمبيوترات والأجهزة المحمولة، وكانت البداية مع تصميم جهاز "iPod" الرقمي لتشغيل الموسيقى. وأطلقت آبل أول جهاز "iPod" في الأسواق مع حلول عام 2001، فأحدث هذا الجهاز الجديد ثورة في مجال سماع الموسيقى بالنسبة للناس حينذاك. ومع حلول 2012 باعت الشركة أكثر من 350 مليون جهاز حول العالم وفي سنة 2007 أصدرت آبل أول هاتف "آيفون" حقق نقلة نوعية في عالم الهواتف الخلوية، وبحلول 2014 بيع حوالي 170 مليون جهاز آيفون في جميع أنحاء العالم. ولم تقف إنجازات جوبز عند أجهزة آيفون وآيبود، بل تعدتها إلى إطلاق حواسيب "آيباد" اللوحية عام 2010. أول نسخة من أجهزة "آيباد" كانت مزودة بشاشة لمس وعدد من الأزرار، وبيع منها حوالي 250 مليون جهاز. وكان جوبز يهتم بكل تفصيل يتعلق بتصميم الأجهزة الالكترونية لتكون مزودة بميزات ترضي أذواق المستهلكين. أصيب جوبز عام 2004 بنوع نادر من سرطان البنكرياس، كما خضع في ال 2009 لعملية زراعة كبد. أعلن جوبز في ال 24 من أغسطس/آب 2011 استقالته من منصبه كمدير تنفيذي لآبل ليشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة. وأوصى جويز بتعين "تيم كوك" في منصبه الشاغر. بعد 7 أسابيع على تقديم استقالته، توفي جوبز في ال 5 من أكتوبر/تشرين الأول عن عمر يناهز ال 56 عاما. واليوم وبعد مرور 5 سنوات على وفاة جوبز تمتلك شركة أبل حوالي 206 مليارات دولار نقدا، وتشير البيانات إلى أن عملاق التكنولوجيا الأمريكي "أبل" حافظت في عام 2015 على الصدارة كأغلى شركة في العالم تلتها شركتا "غوغل" و"مايكروسوفت". وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن القيمة السوقية لعملاق الموبايلات الأمريكي بلغت في بداية عام 2015 نحو 640 مليار دولار، لترتفع في فصل الربيع إلى 750 مليار دولار.