شهد جناح طب الأطفال إصلاحات مهمة استحسنها الزوار وجميع المرتفقين، هذا الجناح الذي تتواجد به مجموعة من الحالات الخطيرة، وخصوصا المواليد الجدد الذين يتم وضعهم داخل الزجاجات الخاصة ب (الخدج )، كما يعرف تواجد مجموعة من الحالات الأخرى التي تعاني من أمراض مختلفة كلها مقلقة وتتطلب توفير ظروف خاصة لعلاجها. إلا أنه مع الأسف الشديد يشهد الممر المؤدي إلى هذا الجناح يوميا تجمع مجموعة من المرضى النزلاء وذويهم القادمين من جناح جراحة العظام الخاص بالرجال المجاور لجناح الأطفال، حيث يشرعون في تناول المخدرات وتعاطي التدخين واستعمال الموسيقى واضعين مجموعة من الكراسي بجانب الممر، مما حوله إلى مقهى مصغر على مرآى ومسمع من الجميع، دون أن تتدخل المصالح الإدارية لوضع حد لهذا السلوك المنافي لشروط الصحة والتطبيب، إذ تكتفي الإدارة بوضع لوحة بالمدخل تنبه لمنع التدخين دون أن تتبعها بالردع والصرامة في تفعيل القانون، علما أن المدخل يتوفر على مجموعة من الكاميرات التي توثق تلك المخالفات المضرة بصحة الأطفال وباقي المرضى، والتي تتسبب فيها تلك الشريحة من المدمنين . وهنا نتساءل عن دور كاميرات المراقبة، فهل تم وضعها للمراقبة أم لتزيين الممر؟. ومما زاد الأمر سوءا هو عدم تواجد أي مسؤول بالادارة (ليلة الخميس وصبيحة الجمعة 18-19/ 07 / 2019 )، وخصوصا الحارس العام الذي خصص له مكتب داخل جناح الأطفال، حيث ظلت عوائل المرضى تطرق باب مكتبه دون أن يجيب أحد من الساعة ( 15 : 21 و 23: 22 )، كما عرف نفس الجناح في هذه الليلة نشوب شجار بين بعض المرضى القادمين من جناح جراحة العظام الخاص بالرجال وبعض زوارهم. ولولا تدخل بعض الزوار لتطور الأمر إلى ما لا يحمد عقباه. كما ظلت أبواب الإدارة مغلقة في وجه الشكايات الطارئة والأعراض الفجائية التي تتطلب الجهوزية التامة لمعالجتها، حيث يمكن القول إن كل زائر لمستشفى محمد الخامس ليلا سيكتشف أن داخله مفقود وخارجه مولود بسبب الفوضى التي تعم تقريبا جميع الأجنحة، إذ يشاهد تقريبا فراغ تام لحراس الأمن الخاص الذين يستغلون الغياب شبه الكلي للإدارة، كما يتواجد بين أفراد هذه الشريحة الخاصة بالأمن الخاص بعض المفسدين الذين تحول همهم إلى ما سوف يأخذونه من أهالي المرضى من أجل السماح لهم بالدخول في أوقات خارج موعد الزيارة المعمول به، ناهيك عن النقص الذي يعرفه المستشفى على مستوى مداومة عناصر الأمن الوطني، حيث يظل عنصر أمني واحد يتنقل من باب إلى آخر ومن جناح إلى آخر ومن طابق إلى آخر، كلما دعت الضرورة إلى ذلك، حتى تحول أمره إلى حديث كل الزوار بين متهكم عليه ومتعاطف معه. إنه وضع كارثي ومزري ينذر بمزيد من التوترات بسبب غياب إدارة صارمة وشجاعة تضع نصب أعينها مصلحة المرضى وربط المسؤولية بالمحاسبة التي بدونها لا يمكن أن نحسن من وضعية قطاع حيوي يشتكي منه جل المغاربة، بسبب التراخي في تطبيق القانون واتخاذ القرارات التي في بعض الأحيان لا تتطلب السيولة المالية بقدر مما تتطلب الصدق في العمل والحضور الدائم واليقظة. إن مستشفى محمد الخامس بطنجة يعرف جملة من الإكراهات الموضوعية والمشاكل الأخرى التي تساهم فيها عوامل داخلية إدارية محضة تعمل في ظلها أطقم طبية شابة وأخرى مخضرمة بكل صبر وتضحية، حيث تقدم صورة حية عن الطبيب المواطن الذي ينتحر من أجل إنقاذ المريض يوميا على مرآى ومسمع من الجميع …. واهم من يظن أن المواطن لا يستطيع أن يميز بين المشاكل التي يعرفها قطاع الصحة التي تبقى خارج نطاق قدرات الإدارة المحلية وبين المشاكل القائمة بسبب سوء تدبير المرفق والفساد وغياب الضمير الإنساني الحي لدى بعض المسؤولين الذين يفضلون الجلوس فوق الأريكة الممولة من أمول دافعي الضرائب. ألا يعتبر ذلك المريض الذي يسمع أنينه وتألمه وتقطعه من فظاعة المرض من بعيد، وما يكابده وأسرته من معاناة شديدة هو نفسه أحد دافعي الضرائب وأحد المساهمين في رواتب المسؤولين الذين من المفروض فيهم التجند كل من موقعه للعمل على راحته. ولكن ما العمل إذا عجز المشرع المغربي عن وضع القوانين القادرة على ردع الفساد والمفسدين؟. فها نحن نخاطب فيكم الضمير الإنساني لعله يستيقظ من سباته. نخاطب فيكم المشترك بين العليل والسقيم والمعافى بإذن الله، ألا وهو المصير الحتمي الذي نسير إليه جميعا بأرجلنا ونحن على يقين أن هذا هو الملجأ النهائي الذي سوف نكون فيه سواسية. نذكركم بقانون الرحمن الرحيم مالك السموات والارض الذي لا يظلم عنده أحد، نخاطب فيكم الوازع الديني لعله يجدي نفعا ويجعلكم تعيدون حساباتكم وتشمرون على السواعد من أجل ذلك المواطن المكلوم المغلوب على أمره، من أجل المواطن المسكين الدرويش، من أجل أم ثكلى ورضيع ماتت أمه أثناء وضعه، من أجل هذا وذاك أقول لكم، أتمنى أن تحسنوا الاختيار وتنحازوا إلى شرف مهنتكم ونبلها. وختاما نذكر بحديث النبي صل الله عليه وسلم الذي يقول "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ". *نائب رئيس رابطكة الدفاع عن حقوق المستهلكين