صدر عن دار توبقال للنشر مؤخرا، كتاب بعنوان “الكتابة التاريخية” للباحث خالد طحطح يرصد أهم الطفرات التي حققها البحث في التاريخ في خضم تطوير آلياته ومفاهيمه ومقارباته. ويتصدر غلاف الكتاب لوحة للفنان مهدي قطبي، و يشمل 184 صفحة، و ينقسم إلى ثلاثة أبواب، أولها فلسفة التاريخ٬ بينما ينصرف الباب الثاني الى استجلاء خصائص الكتابة التاريخية في القرن التاسع عشر لينبري الباحث في الباب الثالث الى الكتابة التاريخية في القرن العشرين. ورصد الكتاب الكتابة التاريخية كمفهوم ومهنة وخصائص عبر سيرة تشمل مراحل متعددة ذات طفرات و منعطفات لها علاقة جدلية بالمتغيرات الطارئة.إنها مواكبة حثيثة لأدق الخصائص حسب كل فترة تاريخية ٬ انطلاقا من نظريات فلسفة التاريخ و أساطيرها بداية من القرن التاسع عشر في أوروبا عبر مدخلين مؤسسين يتعلقان بالكتابة التاريخية في أوروبا القديمة و في القرون الوسطى. و يتطرق الكتاب للحقيقة التاريخية عند المؤرخين و قدسية الوثيقة و البيوغرافيا أي ما يشكل المدرسة المنهجية لهذه الكتابة ٬ خائضا في إشكالات غائية التاريخ و علميته و قوانينه و كل ما يشكك في موضوعيته. ويحط الكتاب الرحال في القرن العشرين متطرقا لمدرسة الحوليات ومستقبلها ٬ تحديدا المدرسة التاريخية المنهجية في فرنسا ٬ وعلاقتها بالمدرسة الألمانية الرانكية٬ ثم التحول أو التطور الذي عرفته هذه الكتابة مع بروز الحوليات كمدرسة ترفض التاريخ الحدثي و السياسي و العسكري و الفردي ٬ ومن تم إعلان إفلاس التاريخ خاصة مع صدمة الحرب العالمية الأولى و مضاعفاتها الجسيمة. و يسجل الكتاب كيف أن زحزحة التاريخ الرسمي بفعل إسهامات مدرسة الحوليات ستوسع من حقل التاريخ الذي سينفتح على علم الاجتماع والاقتصاد والجغرافيا والديموغرافيا… الخ. ومع المتغيرات المعاصرة ستدخل الكتابة التاريخية في صلب أزمة خطيرة ٬ تتعلق بهويتها و معالمها الرئيسة ٬ ما يعرف بأزمة التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي لذوبانه في العلوم الانسانية الأخرى.و يتحدث الكتاب أيضا عن استقلالية التاريخ و عودة الحدث و التاريخ السياسي و عودة البيوغرافيا وعودة السرد و بروز التاريخانية يطرح الكتاب إشكالات المرحلة الجديدة التي أصبح فيها التاريخ بدون هوية مع الجيل الثالث من مدرسة الحوليات. إنه سفر كرونولوجي ٬ يقف بالدراسة والتحليل على خصائص كل مرحلة ابتداء من القرن التاسع عشر٬ مرورا بعشرينيات القرن الماضي٬ حتى اليوم