كتب الدكتور محمد لمباشري تقديم : تستمد هده الورقة مكوناتها النظرية و الإجرائية من مجموعة من الوثائق التي أصدرها سواء مكتب هندسة التربية و التكوين[1] الذي يترأس أعماله غزافيي روجرز[2]، أو التوجيهات التي أتى بها المخطط الاستعجالي الحالي، بالإضافة إلى المذكرة 112 الصادرة عن الوزارة الوصية على التربية و التكوين حاليا بتاريخ 10 شتنبر 2008 في شأن تجريب بيداغوجية الإدماج؛ و تحيلنا هذه الوثائق الرسمية لمجموعة من التدابير البيداغوجية التي وجب اعتمادها كاستراتيجيات عمل للإقلاع بمنظومة التربية و التكوين، و لإنصاف الأطفال الذين يوجدون في وضعيات صعبة من الناحية التعليمية التعلمية؛ خصوصا في ما يتعلق باكتساب كفايات القراءة و الكتابة و الحساب، التي اعتبرت في تقديرات أعضاء مكتب هندسة التربية و التكوين إحدى المعيقات المأزمية التي تعيشها المدارس الإفريقية من ضمنها المغرب. بحكم الانحصار المعرفي الذي تساهم في استفحاله كلا من الاختيارات البيداغوجية التي تمركز التعلمات حول المحتويات عوض محورتها حول الكفايات الأساسية التي لها ارتباط بالحياة اليومية للفئات المستهدفة في منظومة التربية و التكوين، إلى جانب الطرائق التقليدية ذات الصبغة التلقينية المستعملة بمدارسنا، و التي تقتصر على حشو عقول المتعلمين بمضامين مجردة بعيدة كل البعد عن متطلباتهم النفسية الاجتماعية و بيئتهم الثقافية المحلية. و في ضوء ذلك سنعمد في هذه الورقة التوضيحية إبراز المبررات الذاتية و الموضوعية لتبني بيداغوجية الإدماج كاختيار استراتيجي لتحقيق جودة التربية و التكوين داخل المدارس المغربية، مكتفين في هذه المرحلة بعرض مقومات هذه البيداغوجية سواء من الناحية النظرية أو من حيث آفاق الاشتغال في حضنها، تاركين هامش التعليق و النقد للحظة التنفيذ و حصد النتائج المرتقبة، سواء على المدى القريب المحصور زمنيا ما بين 2009 و 2011 أو على المدى البعيد أثناء عملية التعميم لهذا النموذج التعليمي التعلمي، حسب البرمجة الزمنية التي سطرها المخطط الاستعجالي للوزارة الوصية على التعليم و المذكرة 112 . الإطار العام لهذه الورقة :فبناء على الزيادة الواسعة للطلب الاجتماعي على التربية و التكوين المسجلة بحدة في مجموعة من القارات و من ضمنها دول العالم الثالث[ المغرب نموذجا] سعيا نحو دمقرطة التعليم و جعله حقا من حقوق الإنسان، و من أجل فهم الرهانات و اقتراح الحلول الواقعية لإشكالية المناهج التعليمية من منظور بيداغوجية الإدماج كما هو منظر لها في موجهات مكتب هندسة التربية و التكوين المشار إليه في الهامش، في أفق دعم الإنصاف و الحد من الفقر المادي و المعرفي، و تحقيق مبدأ التكافؤ في الفرص التعليمية سواء بين الذكور و الإناث أو بين المدينة و القرية، و جعل المدرسة مؤشرا بارزا لعكس الكفايات المعيشية من خلال المناهج و البرامج الدراسية المقررة خصوصا بالنسبة للأوساط المغبونة اقتصاديا و معرفيا بهدف إكسابها الكفايات الأساسية؛ سنحاول في المرحلة الأولى مقاربة هذا الإشكال من اجل معرفة الأدوار التي تلعبها كلا من المدرسة و الأسرة - المتمثلة في الآباء - و السلطة السياسية حسب تقويمات غزافيي روجرز ، في التقليص من حدة الفقر بمختلف تجلياته بالنسبة للأوساط الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة الاقتصادية و الثقافية، و تشخيص بعض التدابير المتخذة من طرف هذه المؤسسات للنهوض بقطاع التربية و التكوين بشكل عام.، و دعم المدرسة العمومية بشكل خاص تحقيقا لرهانات التجديد و الجودة التعليمية التعلمية.و في المرحلة الثانية سنحاول فحص بعض الإجابات و التدابير المقبولة نسبيا التي تشكل ربحا بالنسبة لمجموع الفاعلين الاجتماعيين الذين ينتمون للمجتمع المدني، مقدمين في نفس الوقت بعض الإجراءات البيداغوجية التي يجب اعتمادها حسب موجهات المقاربة البيداغوجية الإدماجية ، من اجل مناهضة الحصار المعرفي بالنسبة للأبناء و الأوساط المغبونة ثقافيا و اقتصاديا خدمة لحسن اندماجهم و توافقهم النفسي الاجتماعي مع البيئة المحلية التي ينتمون إليها، و ضمانا لخبز تعليمي يليق بتطلعات هؤلاء الأفراد من الناحية المعرفية و الثقافية و العملية. بداية سنمحور نقاشنا حول انشغالات مختلف هؤلاء الفاعلين بناء على تقارير مكتب هندسة التربية و التكوين ، اتجاه الأفراد الذين يوجدون في وضعية الهشاشة و يعانون من فقر مزمن سواء من الناحية المادية و المعرفية، و سنبدأ أولا بالمدرسة كفضاء للتربية و التكوين: I. المدرسة: فبالرغم من التطور المسجل في مجال التمدرس الممنوح للأطفال ذكورا و إناثا حسب الإحصائيات الرسمية سواء على المستوى المركزي أو الجهوي، و أيضا في ما يتعلق بتقليص الفوارق بين الذكور و الإناث اعتمادا على مقاربة النوع كرهان، و على مبدأ الإنصاف كحق من حقوق الإنسان ناضلت الشعوب من اجل ترسيخه كسلوك حضاري في مختلف بقاع العالم ، و بين الوسط الحضري و القروي من حيث الاستحقاقات التي يجب اعتمادها كاختيار سياسي في مجال الاستفادة من المدرسة العمومية كفضاء للتربية و التكوين سواء على المدى المتوسط أو البعيد، فما زال هناك في تقديرات خبراء بيداغوجية الادماج لهذا الإشكال، تخلفا تربويا و تكوينيا يعرقل و بشكل قوي المنظومة التربوية بالنسبة للدول السائرة في طريق النمو مقارنة مع المجهودات المبذولة في هذا الإطار من أجل تحقيق أهداف إستراتيجية التربية للجميع، و بالأخص بالنسبة للساكنة التي توجد في وضعية الهشاشة، كما هو مصرح به أيضا في تقرير المجلس الأعلى للتعليم، و في المخطط الاستعجالي للوزارة الوصية على التربية و التكوين المؤجرأ حاليا: تجليات هذا الوضع المأزمي تكمن في المظاهر التالية كما هو وارد توجيهات مكتب هندسة التربية و التكوين: 1. المظهر الأول : النفقات التربوية غير المجدية من الناحية الفعلية:إن ضعف التمدرس داخل منظومة التربية و التكوين يمس بشكل واضح الساكنة الأكثر فقرا و التي تنتمي للقارة الإفريقية و من ضمنها المغرب، فحسب منظمة اليونسكو حددت نسبة التمدرس بالنسبة للقارة الشبه صحراوية بإفريقيا في الأرقام التالية: v 89٪ بالنسبة للذكور ممن استفادوا من الالتحاق بالمدرسة العمومية، و 78 ٪ بالنسبة للإناث. v متوسط التمدرس في السلك الابتدائي حدد في 56 ٪ ؛ v مجموع التمدرس في السلك الإعدادي حصر في 26 ٪ ؛[1] التفسيرات المصاحبة لهذه النسب تكشف لنا الهدر الاقتصادي الذي تعرفه منظومة التربية و التكوين بحكم الانزياحات القائمة بين النفقات و التدبير بالنتائج الذي مازال لم يرق للمستوى المطلوب خصوصا على مستوى تعميم التمدرس كحق مشروع بالنسبة للجميع ذكورا و إناثا، و على مستوى الاحتفاظ بالمتعلمين داخل المؤسسة المدرسية لفترة أطول. 2. المظهر الثاني: مركزة البرامج المدرسية حول المضامين عوض الأنشطة العملية:فهذا الاختيار القائم على محورة البرامج الدراسية حول المحتويات عوض التركيز على الفعل [أي المعرفة للعمل] يشكل مكونا ثقافيا سلبيا مقارنة مع المكون الإجرائي، القائم على إدماج الحياة اليومية داخل منظومة التربية و التكوين تحقيقا للتوافق المراهن عليه في اكتساب كفايات الحياة المعيشية؛ يفهم من هذا أن الأطفال الذين ينحدرون من مستوى ثقافي متميز هم أكثر حظا من الناحية الثقافية في استيعاب الاختيارات البيداغوجية المتمركزة حول المضامين، بحكم توافقهم معها اعتمادا على رأسمالهم المعرفي الذي ينتقونه من وسطهم الاجتماعي و الثقافي، و هو ما يطرح مشكل اللاتكافؤ في الفرص التعليمية التعلمية على الواجهة و بحدة قصوى، الشيء الذي سيكرس و بشكل جلي ثنائية المتعلم القوي و المتعلم الضعيف داخل جماعة الفصل، و الذي يحكمها منطق الاستحقاق و التهميش في وضعية التقويم ذي البعد الاصطفائي و المعتمد كاختيار بيداغوجي. و لقد سبق لكل من "بورديو" و "باسيرون" و " جاماتي " و نيكو هورت" أن نبهونا لهذا المأزق المبرمج من طرف سلطة القرار السياسي التربوي، الذي يخل بمبدأ التكافؤ في الفرص التعليمية، و يساهم بشكل جدري في تقوية و توسيع الفوارق بين المتعلمين الذي ينتمون لجماعة فصل غير متجانسة من الناحية الطبقية و الثقافية[ انظر كتابنا : المدرسة المغربية و رهانات الحراك المعرفي............]. كما أن التكافؤ في فرص الولوج للمدرسة لا يضمن حسب الوضع الحالي تكافؤ النتائج من الناحية الديمقراطية، لأن التعليم المعطى في المدرسة التي تنتهج المقاربة البيداغوجية المتمركزة حول المحتويات و المضامين حسب وجهة نظر "اديسشيا " مرتبط بظروف و احتياجات الأقلية المحظوظة و لا يتلاءم مع الاحتياجات التعليمية و المعرفية الخاصة بالأغلبية الفقيرة من الساكنة المقيمة في المناطق القروية. 3. المظهر الثالث: الإشكالية القائمة بين اللغة المدرسية المؤسساتية و اللغة الأم: لقد اقر علماء اللغات بناء على دراسات ديداكتيكية في الموضوع، بان الاختلاف القائم بين اللغة المدرسية و اللغة الأم غالبا ما يؤثر و بدرجة دالة إحصائيا على مردودية المتعلمين الذين ينتسبون لساكنة تعاني من هشاشة اقتصادية و من عوز ثقافي مهترئ، بحكم فقدانهم لآليات الاستيعاب و التشفير للغة التقعيدية النظامية التي تفرضها المنظومة التربوية التكوينية الرسمية، و ضعف بيئتهم الثقافة المحلية؛ خصوصا عندما تنساق خلايا التأليف بشكل واعي أو غير واعي، نحو مأسسة و إدراج مصطلحات و أجهزة مفاهيمية داخل الكتب المدرسية المقررة رسميا، تبتعد كل البعد عن اللغة القريبة من المعيشي و الواقعي الذي يفرض نفسه بحدة على عملية التواصل و التعبير الشفهي المعمول به في البيئة الثقافية المحلية للمتعلمين، دونما احترام مبدأ الاختلاف المعرفي و الثقافي و للاتجانس التحصيلي الذي تعرفه جماعات الفصل الدراسي؛ مما سيفضي بمثل هؤلاء إلى الدخول في استلاب ثقافي كنوع من أنواع ثقافة الصمت التي تفضي بهم إلى عدم المشاركة في بناء تعلماتهم الذاتية بشكل مستقل عن الراشد نتيجة الانحصار المعرفي الذي يعانون منه و الذي لا يساعدهم على مواكبة الركب التعليمي المؤسساتي الذي تفرضه المؤسسة المدرسية؛ و هذا النوع من الاختيارات البيداغوجية على مستوى مراجعة البرامج و المناهج يدخل في تقديراتنا في سياق البرمجة الأيديولوجية للفشل الدراسي بالنسبة لهذه الشريحة من المتعلمين. 4. المظهر الرابع: هدر الموارد المالية المرصودة للتربية:نعتقد بان النفقات التي ترصد في العمل التربوي التكويني لا ترتقي لمستوى استيعاب كل الأطفال الذين بلغوا سن التمدرس نتيجة الركود الملاحظ على مستوى البنايات المدرسية غير المتوفرة بكثافة لاستيعاب هذه الجيوش الاحتياطية من الأطفال الذين بلغوا سن التمدرس، مع تفاقم ظاهرة الاكتظاظ و بنسبة دالة إحصائيا في مختلف الأسلاك التعليمية، و غياب تعبئة اجتماعية لتحفيز الآباء لتسجيل أبنائهم تحقيقا لإلزامية التعليم و مجانيته؛ كما يسجل أيضا بحكم الانحصار المعرفي الذي تساهم في استفحاله كلا من الاختيارات البيداغوجية التي تمركز التعلمات حول المحتويات عوض محورتها حول الكفايات الأساسية التي لها ارتباط بالحياة اليومية للفئات المستهدفة في منظومة التربية و التكوين، إلى جانب الطرائق التقليدية ذات الصبغة التلقينية المستعملة بمدارسنا، و التي تقتصر على حشو عقول المتعلمين بمضامين مجردة بعيدة كل البعد عن متطلباتهم النفسية الاجتماعية و بيئتهم الثقافية المحلية. ضعف متابعة الدراسة على المدى القريب أو البعيد بالنسبة لأبناء الساكنة التي تعاني من فقر اقتصادي و ثقافي. و حتى المحظوظين منهم ممن استطاعوا مسايرة دراستهم العالية غالبا ما يجدون أنفسهم أمام مثبطات و إكراهات ثقافية و اقتصادية لا يقدرون من خلالها على معرفة ما ينوون بناءه كمشروع تعلمي تعليمي مستقبلي، نظرا لغياب استراتيجيات تنموية تخول لمثل هؤلاء الانخراط و الاندماج بشكل فعال داخل الأوساط السوسيوثقافية و الاقتصادية المهيئة لهم افتراضا من طرف السلطة السياسية، تحقيقا للرهانات التنموية المنتظرة في تدبير الموارد البشرية. و لنا في تجربة الإجازة المهنية مسلك الفاعل في تدبير المؤسسات الاجتماعية ما يؤكد ذلك:لقد سبق للسيد الهاروشي وزير التنمية الاجتماعية و الأسرة و التضامن، أن أكد في سياق شروحاته لأبعاد و مسارات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و في تقاطعها و تمازجها مع دفتر التحملات الخاص بهذه المسالك المهنية ، على أن أهمية هذه المبادرة تأتي في الوقت الذي كشفت فيه دراسة أنجزتها وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة و التضامن عن حاجة المغرب إلى ثلاثين ألف عامل في مجال العمل الاجتماعي، يتوزعون ما بين13 ألف فاعل في التنمية الاجتماعية، و طبي و منشط اجتماعي و مسير مؤسسات اجتماعية و مساعد اجتماعي، و 7000 مربي متخصص و 10 آلاف عون اجتماعي تربوي ومساعد اجتماعي[2].كما أشار كاتب الدولة إلى أن خريجي التكوين الأول في الإجازات المهنية في مختلف بقاع المغرب، و بتعدد تخصصاتهم، سيضطلعون بمهام مواكبة و مصاحبة الساكنة التي توجد في وضعيات صعبة، و لاسيما في مجالات التعليم و التنشيط و الاكتساب و التكوين بهدف إدماجهم في المجتمع، فيما سيعمل الأعوان الاجتماعيون على مساعدة المرضى و الأشخاص المسنين و الأسر في وضعية الهشاشة.إن هذا الرهان المعقود على الفاعلين الاجتماعيين و التربويين و المساعدين و المصاحبين للسكان الذين يوجدون في وضعيات صعبة، رهان تنموي لم يتم أجرأته مع كامل الأسف لصالح هؤلاء الخريجين الذين يتميزون بكفاءات مهنية تعكسها النتائج التي حصلوا عليها، سواء في بلورة مشاريعهم الذاتية المرتبطة بنهايات الدراسة الجامعية، أو من خلال التداريب التي خضعوا لها في صلب بعض المؤسسات التي تعنى بالساكنة التي توجد في وضعيات هشة، و بديهي أن عملية التنصيب لهذه الشريحة المهنية من شانها أن تقودهم تدريجيا لمد يد المساعدة و الدعم النفسي و الاجتماعي لمختلف الفئات الاجتماعية التي تعاني من مشكلات متعددة و مختلفة المشارب في أفق تحقيق حسن اندماجهم و توافقهم مع مختلف الأوساط السوسيوثقافية و الاقتصادية التي تنتمي للمجتمع المدني.إننا بالنظر لرهانات إستراتجية الولوج لهذه الشريحة الطلابية المتخرجة حديثا من مختلف الكليات و الجامعات داخل المؤسسات الاجتماعية و التنموية أن يعمد على فتح آفاق الاشتغال و التحويل لكفاياتها المهنية داخل الوضعيات التي ستواجهها مستقبلا، بجعل مدخلات التكوين الأكاديمي و الذاتي المحقق في صلب اهتمامها، إمكانية لضخ دم جديد داخل هذه المؤسسات العمومية و شبه العمومية تلبية لاحتياجاتها الاجتماعية و الثقافية و البيداغوجية و السيكولوجية. و بالنظر لمثل هذه التراجعات المخزية يتضح لنا من أن الوعود تبقى دائما ذات معطى نظريا خصوصا في دول العالم الثالث، لا تستقيم على مستوى التطبيق إلا بقدرة قادر، أو بتوصية فوقية خارج الخريطة الجغرافية المحلية، مما يكشف المفارقات الموجودة بين النوايا المأمولة على المستوى الوطني، و ايركولوجية الفعل كإجراء للتنفيذ، و هو شكل من أشكال الهدر السياسي و الاقتصادي و التنموي كمؤشر على تخلفنا و لبس اختياراتنا السياسية في مجال إستراتيجية التنمية المستدامة للموارد البشرية بشكل عام، و إستراتيجية التربية و التكوين بشكل خاص. 5. المظهر الخامس: تفاقم ظاهرة التكرار المدرسي[3] [ المغرب نموذجا]:ما يميز الدول الفقيرة بشكل عام هو نسبة التكرار التي مازالت مرتفعة بنسب دالة إحصائيا؛ و هو ما يؤثر على وثيرة الاقتصاد بالبلدان الإفريقية[ المغرب نموذجا]، و كمثال على ذلك، لكي يحصل متعلما ما على شهادة ابتدائية يلزمه قضاء زهاء ثمان أو تسع سنوات بالسلك الابتدائي؛ و مرد ذلك ليس راجعا دائما لضعفه في مسايرة الركب التعلمي، و إنما مرده أولا لاكراهات الخريطة المدرسية على مستوى التخطيط التربوي، ثانيا لقوة الاحتياطات و الاحتراسات الموجودة لدى المدرسين، في السماح للمتعلمين بالارتقاء إلى أقسام عليا نتيجة فقدانهم لأبجديات القراءة و الكتابة و الحساب ككفايات، الشيء الذي يفضي بهم إلى إخضاع هؤلاء لتكرار القسم لأنهم غير متيقنين من قدرتهم على متابعة الدراسة في الأقسام الموالية للقسم الذي يوجدون فيه، و هو احتراس ذاتي في غياب تفعيلهم لمجموعة من البيداغوجيات التي تساهم بشكل فعلي في تدبير الفوارق الفردية و الاختلافات المعرفية موجودة بين المتعلمين [ يمكن العودة لكتابنا: المدرسة المغربية و رهانات الحراك المعرفي؛.........]. خصوصا إذا علمنا بان ظاهرة التكرار تعتبر عاملا من عوامل الهدر الاقتصادي الذي يساهم في تعطيل التنمية البشرية و الاقتصادية و الثقافية داخل المجتمع.