بقلم:عبدالرحيم اكريطي"رئيس منتدى الصحافة الجهوية دكالة عبدة" مقدمة: قد تكون الأفكار الدينية المتطرفة التي يتشبع بها مجموعة من الشباب الذين ما زالوا في عز الزهور سببا في الزج بأغلبيتهم في غياهب السجون بعدما يكونوا خاطئين في تطبيق الشريعة الإسلامية دون أن تراودهم المقولة" الروح اعزيزة عند الله" ودون أن يفكروا في العواقب الوخيمة التي ستخلفها أعمالهم المشينة هاته بعدما يقدمون على اقتراف جرائم قد تصل حد القتل في حق أبرياء لا ذنوب ارتكبوها دون التفكير في الوضعيات الاجتماعية المستقبلية لعائلات هؤلاء الضحايا التي تتحول رأسا عن عقب،وخير مثال على ذلك الجرائم المستمرة التي عرفتها مؤخرا مدينة آسفي والتي تشابهت من حيث طريقة ارتكابها عندما توفي شخص تعرض لطعنة على مستوى الجهة اليمنى لعنقه بالقرب من إحدى الوكالات البنكية بالمدينة الجديدةبآسفي،ووفاة ثان بعد مكوثه لأيام قليلة بقسم الإنعاش بمستشفى محمد الخامس عندما تعرض لطعنة بواسطة سكين في الجهة اليمنى لعنقه بالقرب من المركز التربوي الجهوي محمد الخامس،ثم الثالث الذي شاءت الأقدار أن يبقى حيا يرزق بعدما تعرض هو الآخر للطعن بالقرب من منطقة قرية الشمس،بينما يبقى مقترف هذه الجرائم الشنيعة شاب في مقتل العمر تم اعتقاله من قبل المواطنين فور تنفيذه لجريمته الثالثة. القضية: جرائم قتل خطيرة متتالية تلك التي عرفتها مدينة آسفي في الآونة الأخيرة والتي خلفت هلعا في صفوف الساكنة كون هاته الجرائم متشابهة من خلال اختيار الجاني لمكان محدد لتوجيه الطعنة ألا وهو الجهة اليمنى للعنق،بحيث وصل عدد الضحايا إلى ثلاثة توفي اثنان بينما بقي واحد على قيد الحياة لكونه حاول جاهدا الدفاع عن نفسه أثناء تعرضه للاعتداء من طرف الجاني.كان الشاب يوسف البالغ من العمر 31 سنة شابا وسيما يبعد عنه المرء جميع الشبهات كونه شاب أنيق ويرتدي دائما لباسا أنيقا،بينما كان يكن بداخله حقدا دفينا اتجاه كل من عاينه وهو مخمورا أو مرتديا للباس بال. التفكير في قيام يوسف بجرائم القتل هاته ابتدأت بعدما دخل منذ مدة في نزاع وصراع مع عائلته عندما تشبع بالأفكار الدينية التي جعلته يظل يوجه انتقادات لاذعة إلى شقيقاته مرغما إياهن على ارتداء الحجاب وتأدية الصلوات الخمس،كما كان يوجه رسائل شديدة اللهجة لشقيقاته يحثهن فيها على ارتداء الحجاب، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الأب خصوصا بعدما وقف في أحد الأيام على أن ابنه يوسف قد حاول وضع حد لحياته عن طريق الانتحار. التشبع بالأفكار الدينية جعل يوسف يعتكف بأحد البيوت بمنزلهم الكائن بحي اعزيب الدرعي بآسفي لمدة قاربت السنة الواحد جعلت والده متخوفا جدا على ابنه الذي انقطع عن الدراسة وبقي عاطلا عن العمل وأصبح محط شكايات عدة من طرف شقيقاته خوفا من أن تتعرض إحداهن لمكروه،لتراوده فكرة اكتراء غرفة لابنه يتكلف بتسديد واجبات الكراء حتى لا تتعرض إحدى بناته لمكروه من طرف ابنه. انتقل الشاب يوسف إلى غرفته المكتراة من طرف والده الكائنة بحي الجريفات بآسفي وهناك ظل بها لشهور يطالع الكتب الدينية بعدما سبق وأن اشتغل في إحدى المطاعم الصغيرة الخاصة بإعداد الوجبات السريعة وهناك كان يعاين يوميا المتشردين وهم يستعطفون المارة مستنجدين بهم من أجل الحصول على بعض الدريهمات وكانت طريقة تسولهم هاته لا ترق الجاني يوسف خصوصا عندما يمتنع زبونا من تسليم متشرد ما المال ويقدم المتشرد على سبه ونعته بنعوت قد تصل حد سب الله عز وجل،وهو ما لم يكن يرقه ،ما جعله يكن حقدا دفينا لهؤلاء المتشردين،ناعتا إياهم بالكفار كونهم يسبون الخالق تعالى ويشربون الخمر ولا يؤدون الصلوات الخمس. بقي يوسف يفكر في هؤلاء بعدما تشبع بالأفكار الدينية من خلال مطالعته بشكل مستمر للمراجع والكتب الدينية صباحا ومساء،ليلا ونهارا،لتراوده في آخر المطاف فكرة قتل هؤلاء بمبرر أن المجتمع لا يستفيد منهم وأنهم كفار ولا موقع لهم داخل المجتمع . ظلت الفكرة تراوده ليقتنع بها في آخر المطاف حيث سيشرع في التخطيط لمسلسله الإجرامي الذي ابتدأ بذهابه إلى إحدى الأسواق العشوائية بآسفي الذي يدعى" سوق العفاريت"، ومن هناك ظل يتجول بحثا عن سكين يستعملها في تنفيذ جرائمه الشنيعة،حيث اقتنى بالفعل سكينا صغيرة. ظلت السكين بجيبه قرابة شهر باحثا عن فريسته وسط الأزقة والدروب قصد الشروع في تنفيذ جرائمه دون أن يكترث لما ستسفر عنه أفعاله الإجرامية هاته ودون أن يفكر في العواقب الوخيمة التي ستخلفها أفعاله ودون أن يدرك على أن الديانة الإسلامية بينها وبين مثل هذه الأفعال الإجرامية مسافة الأرض عن السماء. كانت بداية مخططه الإجرامي بالقرب من إحدى الوكالات البنكية بالمدينة الجديدة عندما أثار انتباهه شخص وهو يقوم باعتراض سبيل السيارات عند الشارات الضوئية هناك،ما جعله يقف قصد مراقبة كل تحركاته إلى أن سمعه حسب تصريحاته وهو يسب هؤلاء السائقين وبالخصوص منهم الذين يرفضون تسليمه المال،حيث استغل فرصة خلو الشارع من المارة ، وفي غفلة من الضحية، وجه لهذا الأخير عدة طعنات بواسطة السكين على مستوى الجهة اليمنى من عنقه،ليشرع الدم في السيل بغزارة، بينما الجاني يوسف ففر هاربا ، حيث إنه وفي طريقه على بيته بحي الجريفات بالقرب من إحدى المقاهي التقى أحد الأشخاص الذي سلمه 5 دراهم بعدما رأى يده ملطخة بالدماء،ظانا أنه يرغب الذهاب بواسطة هذا المبلغ إلى المستشفىنفذ الجاني جريمته الشنعاء بنجاح بعدما لفظ الضحية أنفاسه الأخيرة بقسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس بآسفي بعد وقت وجيز عن تعرضه للطعن ، حيث توجه الجاني إلى بيته بحي الجريفات وهناك غير ملابسه التي كانت ملطخة بالدماء بملابس أخرى،إذ رمى بها في إحدى القمامات. لم تحرك هذا الجريمة الشنعاء ساكنا في الجاني الذي استمر في تنفيذ جرائمه، وهذه المرة عندما قرر تنفيذ جريمة أخرى ، حيث اقتفى أثر أحد الشبان الذي كان يتجول بالسوق اعزيب الدرعي، وعندما كان المعني بالأمر عائدا إلى منزله الكائن بحي قرية الشمس ،لحق به الجاني ، وبالقرب من شجرة حمل هذا الأخير حجرة كبيرة التي بواسطتها وجه ضربة للضحية على مستوى رأسه ، ثم أخرج السكين وشرع في توجيه الطعنات في مختلف أنحاء جسد الضحية،لكن هذا الأخير قاوم بكل ما أوتي من جهد،ليترك الجاني الضحية مضرجا في دمائه ، حيث نقل على وجه السرعة إلى المستشفى وهناك أنقذت حياته ، بينما الجاني ففر مرة أخرى هاربا. ظل يوسف يفكر في كل ما فعله ، حيث وقف على خطورة جرائمه ، وندم عليها ،ما اضطر به إلى التفكير في طريقة يضع بها حدا لحياته بعدما اقتنى بعض المواد السامة كمبيد الفئران وقارورة من البنزين ،وكان يستعد للانتحار إلا أنه تراجع في آخر المطاف عن ذلك.معاناة الجاني من اكتئاب نفسي ومن مرض نفسي سيظهر جليا من خلال مواصلته لأفعاله الإجرامية، حيث لم يقف عند حد اقترافه لهاتين الجريمتين ، بل وجد نفسه مضطرا إلى تنفيذ جريمة ثالثة ، وهذه المرة بالقرب من المركز التربوي الجهوي محمد الخامس عندما أثار انتباهه رجل يلبس ثيابا بالية وهو واقفا بالقرب من حاوية للأزبال،وفي غفلة منه وجه إليه بواسطة السكين طعنة على مستوى العنق سقطا على إثرها أرضا، لكن لحسن الحظ كان سائق سيارة مارا من هناك رفقة زوجه ليلفت انتباهه هذا الشريط الهوليودي. لم يتوان السائق بجرئته الكبيرة رفقة زوجته بعدما نقل الضحية إلى المستشفي في ملاحقة الجاني وهو مستعملا منبه سيارته للفت انتابه المارة بأن المعني بالأمر الذي يجري بسرعة فائقة قد اعتدى بالسلاح الأبيض على رجل ، حيث كان وقتها مجموعة من المواطنين الذين لحقوا هم الآخرين بالجاني الذي حاول جاهدا القفز من فوق سور منزل يتواجد خلف مقر الخزينة العامة، لكن الشبان الذين لحقوابه أشهروا أحجارا كبيرة في وجه ، ليكون في آخر المطاف مضطرا إلى الاستسلام أمامهم، وكان يردد وقتها أسماء الله الحسنى، لتحضر وقتها عناصر الشرطة التي اعتقلته. ساقت عناصر الشرطة الجاني صوب مقر الضابطة القضائية بآسفي وهناك استمعت إليه في محاضر قانونية حيث اعترف بالمنسوب إليه الذي جاء فيه على أنه كان يرغب في قتل العديد من المتشردين كونهم في نظره كفار يسبون الله تعالى ويفعلون ما لا يريده الله، كما تم الاستماع إلى العديد من الشهود الذي منهم من تابع جزءا من أطوار هاته الجرائم ، كما تم عرض الجاني على الشاب الذي تعرض للطعن والذي بقي حيا والذي تعرف عليه بسهولة ، بحيث انتقلت عناصر الشرطة إلى منزل الجاني وبعدها إلى بيته وهناك حجزت مجموعة من الكتب الدينية وقارورة بنزين ومبيد للفئران كان يعتزم الجاني وضع حد لحياته بواسطة المبيد والبنزين. هوية الضحايا وهوية المتهم والتهمة الموجهة إليه: المتهم:يوسف.ر من جنسية مغربية، مزداد بتاريخ 13 أبريل 1981 بدوار لمدارسة أهل بزو بإقليم أزيلال ،عازب ،عاطل عن العمل ،يقطن بزنقة الهاشميين بحي اعزيب الدرعي بآسفي والموجهة إليه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. الهالك الأول:حسن.ب،الجنسية مغربية،مزداد سنة 1967 بأحد احرارة بآسفي ،متزوج،أب لطفلين اثنين،بحري،يقطن بزنقة قسطنطينة بحي اجنان كولون 2 بآسفي الهالك الثاني:يبلغ من العمر 42 ، متزوج، ويشتغل في مهنة تزيين الأبواب الحديدية.الضحية الثالث الذي بقي على قيد الحياة:عبدالنبي .ع،مغربي،مزداد سنة 1968 بآسفي،متزوج،أب لثلاثة أبناء،بدون مهنة، يقطن بطريق الوحدة بحي قرية الشمس العليا بآسفي.