أضحت جهة الداخلة – وادي الذهب في طريقها لتشكل قطبا اقتصاديا حقيقيا يربط المغرب بعمقه الإفريقي، من خلال تنفيذ مشاريع هيكلية كبرى في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية. وتتوخى هذه المشاريع الكبرى تكريس الجهة كقاطرة للتنمية ووجهة أساسية للمبادلات بين أوروبا والمغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، حيث ستعمل على منح دفعة قوية للدينامية الاجتماعية والاقتصادية في الجهة، بهدف دعم المقاولات والتشغيل والاستثمارات. وبالفعل، بدأت رياح لؤلؤة الجنوب في اجتذاب المزيد من المستثمرين، بالنظر إلى مؤهلاتها ومناخ الأعمال الملائم للاستثمارات والفرص الاقتصادية المختلفة التي توفرها. ومن بين المشاريع الكبرى التي ستعمل باستمرار على تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين المغرب وعمقه الإفريقي، هناك ميناء الداخلة الأطلسي، والمناطق المستقبلية للتوزيع والتجارة في الكركرات وبئر كندوز، والطريق السريع تزنيت – الداخلة، وربط مدينة الداخلة بالشبكة الوطنية للكهرباء. ويجسد المشروع الضخم لميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيتطلب استثمارا بقيمة 12.4 مليار درهم، الطموح الكبير لهذا النموذج التنموي. وتتطلع هذه البنية التحتية المينائية، المجهزة بمنطقة لوجستية صناعية ومنطقة للتبادل التجاري وأخرى مخصصة لتثمين أنشطة الصيد البحري، إلى أن تشكل محورا اقتصاديا حقيقيا وقائما بذاته، بإمكانه إعادة وضع الجهة كلها على مسار الطرق البحرية. وسيساهم هذا الميناء، الذي يقع على بعد 40 كيلومترا شمال مدينة الداخلة، والمدعم بمنطقة لوجستية صناعية تبلغ مساحتها 1650 هكتارا بهدف تقديم خدمات صناعية ولوجستية عالية الجودة، في تطوير المبادلات الاقتصادية ليضطلع بدوره كمنصة قوية وتنافسية للمستثمرين. وفي هذا السياق، سيأخذ هذا المشروع الاستراتيجي في الاعتبار أهمية الربط البري، من خلال الطريق السريع تيزنيت – الداخلة. ويهم المشروع، الذي سيكلف زهاء 10 مليارات درهم، تثنية الطريق الوطنية رقم 1 بين تيزنيتوالعيون على مسافة 555 كلم، وتوسيع الطريق إلى 9 أمتار بين العيونوالداخلة على مسافة 500 كلم. وسيمكن إنجاز هذه الطريق من إرساء محور تجاري قوي بين المغرب وموريتانيا وفي اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي استعادة تدفق حركة النقل من خلال تمكين مئات المركبات من العبور عبر هذه الطريق. وقد تم الانتهاء من المقاطع الأربعة لجهة الداخلة – وادي الذهب من الطريق الذي يربط العيونبالداخلة في الآجال المحددة لها. ويمتد هذا المحور الطرقي على مسافة 162 كيلومتر بين واد لكرع والداخلة بتكلفة إجمالية بلغت 391 مليون درهم. ويبدو جليا أن الجهة تراهن على إقامة منطقتين متطورتين للتوزيع والتجارة في المعبر الحدودي الكركرات وفي بئر كندوز لجذب المستثمرين المغاربة والأجانب على حد سواء. وستعزز المنصتان، اللتان عبأتا غلافا ماليا بقيمة 160 مليون درهم على مساحة 30 هكتارا، من قدرة المملكة على التصدير والاستيراد مع الدول الإفريقية، كما ستساهمان بشكل كبير في تطوير المعبر الحدودي، باعتباره منطقة عبور تضطلع بدور رئيسي في الاقتصاد الوطني والمعاملات التجارية الخارجية. يضاف إلى ذلك كله ربط جهة الداخلة – وادي الذهب بالشبكة الوطنية للكهرباء بهدف دعم النمو الاقتصادي للجهة، لاسيما في ما يتعلق بتزويد المحطة المستقبلية لتحلية مياه البحر بالطاقة الكهربائية، وتثمين مؤهلات الطاقات المتجددة في الجهة ومواقع الصيد البحري، وتطوير المناطق الوقعة بين بوجدور والداخلة، من خلال تحسين ظروف ربط وإمداد الكهرباء للمناطق الحضرية والمشاريع المجاورة لها. وم ك ن هذا المشروع من تعبئة حوالي 2.4 مليار درهم، تم تمويله من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بقيمة 1.5 مليار درهم، والمجلس الجهوي (536 مليون درهم)، والشركاء الخواص (350 مليون درهم). كما تم، مؤخرا، إطلاق مشاريع هيكلية كبرى تتعلق بالكهربة والتزويد بالماء الصالح للشرب في الكركرات وبئر كندوز باستثمار إجمالي ناهز 300 مليون درهم. وعلى صعيد التهيئة الحضرية، يندرج مشروع القطب الحضري الجديد (Dakhla Smart city) في إطار الجيل الجديد من المشاريع الحضرية التي ترتكز على التنمية المستدامة ووسائل التواصل والاتصال الحديثة. وسيتيح إنشاء قطب حضري جديد تعزيز الشبكة الحضرية، من خلال إرساء تجهيزات عصرية تتماشى مع متطلبات الجهة والساكنة، وتوفر مختلف أصناف السكن والمرافق الاجتماعية والسوسيو-اقتصادية. ويندرج هذا القطب الحضري، الذي سيتم إنجازه على مساحة 275 هكتار على مستوى جماعة العركوب، في إطار شراكة بين القطاع العام (مجموعة العمران) والقطاع الخاص (منعشين عقاريين منضوين تحت مجموعة نفع اقتصادي GIE). وبالإضافة إلى ذلك، سيكون لإنجاز هذه المشاريع بوتيرة متزايدة وقع أكبر خلال السنوات المقبلة، بهدف تمكين جهة الداخلة – وادي الذهب من تعزيز موقعها كقطب اقتصادي وطني وقاري.