بين الإخفاقات الممزوجة بموسيقى الفادو الحزينة والإنجازات المستوحاة من حصون إمبراطورية كانت في زمان ما متينة... ربما هكذا يجد منتخب البرتغال نفسه قبيل دخول غمار بطولة أوروبية ثمينة. لم يحقق المنتخب الإيبيري منذ أن رأى النور عام 1914 أي لقب يتغنى به أهل البرتغال ولم يكتب ملحمة تتناقلها الأجيال رغم أنه أنجب وما يزال نجوما طاولت وتطاول هامات الجبال. وانتظر اللبرتغال مرور 34 سنة على انضمام جهازها الكروي إلى الفيفا قبل أن تسجل حضورها في تظاهرة كروية كبرى، إذ إنها شاركت في مونديال 1966 واحتلت المركز الثالث محققة أفضل إنجاز في تاريخها وقتذاك. واحتاجت بعدها الجارة الغربية لإسبانيا مرور ربع قرن من ولادة بطولة الأمم الأوروبية قبل أن تضمن بطاقة المشاركة فيها، وشاءت الصدف أن يودع منتخب بلادها المنافسات من دور نصف النهائي كما كان الحال في أول مشاركة له في المونديال. واحتجبت بعدها شمس البرتغال عن سماء التظاهرات الكروية الكبرى إلى أن أشرقت في سماء بطولة يورو 1984 بفرنسا، إشراقةً حجبتها أنوار المنتخب الفرنسي في نصف نهائي البطولة، وفي أول مشاركة للمنتخب الإيبيري في البطولة الاوروبية التي ظهرت إلى الوجود عام 1960. وحتى نختصر في سطور مشاركات منتخب أحفاد فاسكو دي غاما في التظاهرات الكروية الكبرى على مر العصور، نقول إن سفينة المنتخب الأرجواني تقاذفتها مرات عديدة أمواج الإخفاقات وعبرت مرات إلى بر النجاحات، لكن من دون أن تعانق البطولات وشارك المنتخب البرتغالي 5 مرات في البطولة الأوربية من بين 13 مشاركة ممكنة، وتبقى أبرز إنجازاته في البطولة التأهل إلى دور نصف النهائة مرتين 1984، 2000 وبلوغ الدور النهائي مرة واحدة 2004. الآن وقبل أيام فقط من بداية يورو 2012، يعلِّق البرتغاليون آمالهم على الجيل الحالي للمنتخب بقيادة النجم كريستيانو رونالدو لربط الوصل بعظمة جيل أوزيبيو في الستينيات وتألق جيل خايمي باتشيكو في الثمانينات وإبداع جيل لويس فيغو في بداية الألفية الجديدة. وتُضاعف نجومية وشهرة الدون رونالدو من مسؤولياته تجاه منتخب بلاده في يورو 2012، ويفرض عليه تألقه رفقة فريق ريال مدريد الإسباني خلال الموسمين المنصرمين، البصم على نفس التألق في البكولة الأوروبية المنتظرة وإعلاء راية موطنه. ويبرز في تشكيلة المنتخب البرتغالي ليورو 2012 كريستيانو رونالدو ( 27 سنة) نجما أوحد ومصدر أمل لكل البرتغاليين ومفتاح قوة يرهب المنافسين، نظرا للخبرة التي اكتسبها في ملاعب الكرة، وللوجه الذي ظهر به رفقة ريال مدريد بأن فاز معه بلقب هداف الليغا برصيد 41 هدفا سنة 2011 قبل أن يقوده عام 2012 إلى التتويج بلقب الليغا بإحراز 46 هدفا. ويملك رونالدو أكثر من حافز للظهور بوجه يمحي به الوجه الشاحب الذي ظهر به في مونديال 2006 بألمانيا ويورو 2008 بسويسرا والنمسا، أبرزهما منح بلاده اول لقب في تاريخه والثاني الفوز بجائزة افضل لاعب في اوروبا والعالم على حساب ميسي... وإلى جانب رونالدو، هداف المنتخب في تصفيات اليورو المرتقب برصيد 7 أهداف، تبرز في تشكيلة المدرب باولو بينتو أسماء متألقة في سماء الكرة الأوروبية، نذكر منها، راؤول ميريليس، المتوج بدوري أبطال أوروفا رفقة تشيلسي، ولويس ناني لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، وفابيو كوينتراو وكليبر بيبي، لاعبي ريال مدريد الإسباني، وجواو موتينيو، لاعب بورتو البرتغالي، وريكاردو كواريزما، لاعب بيشكتاش التركي، وهيلدر بوستيغا، مهاجم سرقسطة الإسباني.. وبتتبع مسار البرتغال في التصفيات الاوروبية المؤهلة إلى يورو 2012 نجد أن رفاق رونالدو ضمنوا حضورهم بعدما تخطوا عقبة المنتخب البوسني في مواجهات الملحق، على خلفية احتلالهم المركز الثاني في منافسات المجموعة الثامنة خلف المتصدر منتخب الدنمارك . وجمع منتخب برازيل أوروبا في مجموعته، التي ضمت منتخبات الدانمارك النرويج وإيسلندا وقبرص، 16 نقطة من 5 انتصارات وتعادل وهزيمتن، مسجلا 21 هدفا سجل منها كريستيانو 7 وزميله بوستيغا 5، ومستقبلا 12 هدفا. قبل الختام تبقى في الخاطر علامة استفهام، هل ستعود سفينة أحفاد فاسكو دي غاما من بحار أوكرانيا وبولندا محملة بالبطولة الأوروبية الثمينة أم أنها ستعود على إيقاعات موسيقى الفادو الحزينة؟؟؟