ومن أهم المؤاخذات على التعليم الخصوصي هو غياب التكوين أو ضعفه – في أحسن الحالات – لدى الأطر التربوية والإدارية للقطاع، فقليلة هي المؤسسات التي تلقى أطرها تكوينا أساسا قل الالتحاق بها وتكوينا مستمرا بعد الاندماج فيها، وهذا الأمر يرجع إلى غياب رؤيا واضحة لدى أغلب” المستثمرين” في الميدان، إذ أن الهاجس لديهم ينصب على الشكل دون المضمون، والاعتقاد السائد لدى أغلبهم أن اعتماد مناهج أوروبية كاف لتحقيق الجودة المنشودة، ناسين أو متناسين أن محور العملية كلها هو الأستاذ، و أن الكتب المدرسية والوسائل التعليمية مهما بلغت فعاليتها لا تسمن ولا تغني من جوع إذا وقعت في يد غير مدربة... كما أن التكوين الأساس والتكوين المستمر هما اليوم رهان استمرارية أي عمل، نظرا لما تعرفه جميع المجالات من تطور بوتيرة رهيبة لا مجال فيها للتوقف أو استرداد الأنفاس حتى... واذا صحت هذه الملاحظة بالنسبة للأطر التربوية فانها بالنسبة للأطر الادارية أصح، فمعظم المديرين بالتعليم الخصوصي التحقوا بالادارة دون أدنى تكوين، والمبادرة الأخيرة لأكاديمية سوس ماسة درعة – مشكورة – تدخل في اطار سد الفراغ المهول الذي تعاني منه المدرسة الخصوصي في هذا الجانب... أما عدم استقرار الأطر التربوية بالتعليم الخصوصي فهو لا يقل خطورة عن سابقه، فالإطار بمؤسسات التعليم الخصوصي يتنقل باستمرار، وقد تجده في سنة واحدة قد قام بجولة بين العديد من المؤسسات، مما يربك العملية التعليمية التعلمية في بعض مكوناتها، أما مساره الدراسي فقد لا يتذكر كل المؤسسات التي مر منها، والأدهى أن هذا الإطار تجده يفتخر بنهج سيرته (CV) لأنه يعتقد أن ورود عدد لا يستهان به من المؤسسات قد يسعفه للحصول على عمل قار، لكن سرعان ما يستفيق من حلمه ليجد نفسه مرة أخرى مطالبا بالبحث من جديد... في دوامة لا تنتهي إلا لتبدأ.. و لا ننسى أن من أسباب هذا الترحال هو عدم إعطاء الفرصة للإطار للانسجام مع المؤسسة التي ينخرط فيها، واستعجال الثمرة من لدن مالكي ومسيري المؤسسات الخصوصي، فالإطار كالتلميذ يحتاج إلى وقت للتكيف مع الوسط الجديد عليه... ومنحه مهلة كافية لإثبات الذات لن يرجع على المؤسسة إلا بكل خير...كما أن التروي عند اختيار الإطار يعتبر مفتاحا لكل جودة.. من الملاحظات التي استرعت انتباهي التسرع الذي ينتاب بعض الأطر إن لم أقل أغلبهم، وعزوفهم عن التكوين والتكوين المستمر، فهناك أساتذة طموحون، لكن بشكل مبالغ فيه مما يوقعه في فخ الغرور، فيعتقد أن قضاء سنتين أو ثلاث في التعليم كافية ليصبح مديرا أو أعلى...وهذا خطأ قاتل يوقع يؤدي إلى تكرار التجارب الفاشلة تربويا في التعليم الخصوصي، ويجعل الإضافة النوعية منعدمة تماما، بل قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن هذا النوع من الإضافة هو عبارة عن دكان لبيع جودة وهمية مشكوك فيها... فالإطار الطموح – تربويا كان أو إداريا – لا يجب أن يعميه الغرور بل عليه التواضع حتى يصل إلى ما نصبو إليه، وهو تنقية ميدان التعليم الخصوصي من كل الشوائب، ونصحح نظرتنا إلى التعليم الخصوصي قبل أن نطالب غيرنا بذلك... وختاما ان دفاعي بهذا الشكل عن التعليم الخصوصي، أعتبره هو الطريق الصحيح للاصلاح، أما التغاضي عن النقائص والهفوات، فلن يزيد الوضع الا تأزما، وأتمنى أن أكون قد ساهمت في النقاش الدائر حول إصلاح المدرسة المغربية بوضع الأصبع على بعض – أقول بعض – جروح مكون من مكونان تعليمنا المغربي وهو التعليم الخصوصي... ولكم واسع النظر.