أي غب عن منزلك أو مكانك، وتعاط أسباب المعاش، أو غب عن بلدك ووطنك، وسر في الأرض، واتخذ مختلف الوسائل للحصول على المال والثروة والغنى، تجد ما تعود به إلى أهلك وبنيك. يقال للحض على التحرك والعمل والجد للحصول على ما يحتاج إليه الإنسان من الضروريات والكماليات، بدلا من الخمول والانزواء، وفي الحديث الشريف: تحركوا ترزقوا . وكلمة (جاب) فعل ماض، ومضارعه (يجيب). وأصله: جاء بكذا، أي أتى به. يقولون: فلان جاب الكتاب في يده، أي أتى بالكتاب في يده. ويقول القائل: جيب لي كاس د الما، أي بكأس من الماء … إلخ. ناظم: تغرب عن الأوطان في طلب العلا ** وسافر ففي الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة **وعلم وتجريب وصحبة ماجد غبر، لا خبرو لا قبرو: غير، لا خبره ولا قبره. أي إن الشخص غاب واختفى اختفاء كاملا. يقال عندما يغيب الشخص غيبة تامة، دون أن يترك أي أثر يدل عليه، فلا يعرف – إن كان حيا – أين مقره، و- إن كان ميتا – أين مقبره . غدا نسقيك آ الكيمون: غدا أسقيك يا كمون. في تطوان يقال للكمون: كيمون، وهو نبات له حبوب صغيرة تعد من التوابل، ويذكرون أنه لا يحتاج للسقي، فزارعه يقول له كل يوم: غدا أسقيك يا كمون، وتمر الأيام وينضج الكمون دون أن يسقى. يكنى به عن عدم الوفاء، بالرغم من كثرة الوعود. ويقال على سبيل الخداع، عندما يكون هناك وعد لا ينوى تحقيقه، بل يقصد منه التغرير والإمهال، حتى يمضي الوقت ويتناسى الحال. وقد يقال على سبيل التعريض، عندما يعد الشخص بشيء، ونيته أن لا يفي بوعده، مستغلا بساطة الموعود وثقته أو اغتراره بالمواعيد، وكم من بسطاء أو أخيار، يثقون بمواعيد السياسيين أو الأشرار، فيذهبون ضحية الثقة والاغترار شاعر رقيق: فأصبحت كالكمون ماتت عروقه و أوراقه مما يمنونه خضر وبعضهم يقول: دابا نسقيك الكيمون، وكلمة (دابا) معناها هنا سوف . بيت: لا تجعلني ككمون بمزرعة * إن فاته الماء أغنته المواعيد بيت: … إذا جئته يوما أحال على غد * كما وعد الكمون ما ليس يصدق الغريب أعور، ولو يكون بعينو: الغريب أعمى، ولو كان بصيرا. يقال لبيان أن الشخص إذا كان بعيدا عن بلده وأهله وقومه، لا يدرك الأشياء على حقيقتها، وإنما يرى مظاهرها دون خفاياها، فهو في ذلك كالأعمى. هذا هو الغالب في مطلق الناس، وإلا فإن من بين أهل العلم والمعرفة والذكاء من يدرك حقائق الأشياء أينما حل وارتحل. وكلمة (الاعور) معناها من ذهب بصر إحدى عينيه، وقد يطلق عندنا حتى على من ذهب بصر عينيه معا. الغريب لازم يكون أديب: الغريب يجب أن يكون مؤدبا. يقال على سبيل النصيحة والإرشاد والتنبيه لكل من يوجد في بلد غير بلده، أو بين قوم غير قومه، على أن يحسن معاملته للناس، ويتأدب معهم، ويحترم أفكارهم، ولا يتدخل في شؤونهم، ولا يناقشهم في عوائدهم، لأن لكل قوم أخلاقهم وعاداتهم، ولأن إقامته بينهم مؤقتة، لا بد لها من نهاية. الغلا جلاب: الغلاء جلاب. الغلاء هو ارتفاع الأجور والأسعار وأثمان الأشياء من بضائع وغيرها. يقال لبيان أن البضائع إذا ارتفع ثمنها في أي مكان، فإن التجار ومن يبحثون عن الغنى العاجل ويستغلون الفرص، يقصدون ذلك المكان، ويجلبون إليه بضائعهم ليبيعوها فيه بالأثمان الغالية المرتفعة. وارتفاع أجور الصناع والعمال، يجلب أصحاب الحرف والصنائع، ليشتغلوا بالأجور المرتفعة. وارتفاع أجور الأكرية، يجلب رؤوس الأموال المخصصة لبناء الديار والعمارات، فالغلاء جلاب، أي يجلب الناس ويجذبهم مع بضائعهم ومواهبهم إلى الأماكن التي يستفيدون فيها أكثر من غيرها. العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية (الجزء الرابع) للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...