من حق أي مواطن أن يتزوج أو يطلق، وأن تكون حياته الخاصة محمية لاشك في ذلك، ولكن كل هذا الكلام لا يستقيم في حالة شخصيتين عموميتين تدبران قطاعين حكوميين مهمين بأموال عمومية يؤديها دافعوا الضرائب المغلوب على أمرهم. إن اقتران الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني السيد لحبيب الشوباني بالوزيرة المنتدبة في وزارة التعليم العالي السيدة سمية بنخلدون كان سيكون عاديا ولن يثير ملاحظات لو كان المعنيان مجردان من صفتي الوزارتين التي لها علاقة بالأموال العمومية. وبما أن الوزيرين ينتميان لحزب أغلبي حاكم ذي مرجعية دينية إسلامية كما يزعمون في الحملات الانتخابية، فإنه يحق للمواطن العادي المتتبع أن يطرح الأسئلة التالية بشكل مجرد: أولا على المستوى الأخلاقي، هل يجوز للحبيب الشوباني أن يحتفل بحفلة اقتران بزوجة ثانية هي وزيرة وزميلة في الحكومة وفي الحزب، بعد أقل من أربعة أيام على فاجعة طانطان التي راح ضحيتها 33 طفلا بريئا من طيور الجنة في حادث محزن أدمى قلوب المغاربة و العالم؟ هل من الأخلاق التي يتشدق بها أعضاء الحزب الحاكم أن يفرح ويستعد ويفكر الوزيرالشوباني ومعه الوزيرة بنخلدون في مناسبة إرتباط و إحتفال و الحصول على متعة زوجية إضافية في الوقت الذي ما تزال قلوب أكثر من 30 أسرة ومعها الشعب المغربي تنفطر لهول ما حدث بطانطان؟؟؟؟ ألم يكن بإمكان"المربوطين" سمية و الحبيب تأجيل كل هذا الى غاية حلول فصل الصيف على الأقل احتراما لأرواح المغاربة ولشعورهم الجماعي بالحزن، وفي الوقت نفسه سيتحملان مسؤوليتهما المعنوية حزبيا وحكوميا فيما جرى؟ ثانيا: على مستوى تعدد الزوجات، لا بد أن نشير هنا إلى أن الشوباني لا يريد إكمال نصف دينه وفقط، بل يمارس حقه "الديني" في تعدد الحريم، لأنه متزوج بالزوجة الأولى ومازالت في عصمته، ومن حقه تبعا لنفس "الحق الديني" أن يضيف ثالثة ورابعة بعد سمية. و السؤال المطروح في هذا الوقت وفي هذا القرن، أي القرن 21 الذي يبنى على المنظومة الحقوقية الكونية هو: ألا يعتبر إقتران الشوباني ببنخلدون كزوجة ثانية وهما وزيرين وممارسين لسلطة تنفيذية في المجتمع ضربا في العمق لمطلب الحركة النسائية والحقوقية وطنيا ودوليا منذ السبعينيات هو منع تعدد الزوجات؟؟ ألا يقدم كل من الشوباني وبنخلدون مثالا في تحدي هذا المطلب بالاقدام على فعل ذلك وهما في موقعي المسؤولية؟ ثم، ألم يضع الشوباني زوجته الأولى في موضع حرج لا يحسد عليه، خاصة وأنها تحملت معه الظروف السيئة في "دواير الزمان" منذ أن كان صفر درهم بالراشيدية ، ومباشرة بعد بلوغه البرلمان وسمح الله عليه ماديا أول ما فكر فيه هو زوجة ثانية أي المتعة الأخرى المرافقة في السفريات و الجولات بعد متعة الراتب الشهري ومتعة كرسي الوزارة؟ وبدورها بنخلدون، ألم تذهب لأبغض الحلال عند الله فقط لأن زوجها السابق إعترض على انشغالها بمسؤولية الوزارة وهو يعرف السبب؟ ألم تسمح سمية في زوج ومنزل وأبناء وفي عمرها 53 سنة من أجل كرسي الوزارة لست سنوات فقط؟ ثالثا: على المستوى الحكومي، لننظر الى الغد قليلا، ولو على المستوى النظري، لنفرض مثلا وجبت اتفاقية شراكة بين وزارة سمية بنخلدون ووزارة الحبيب الشوباني، هل سيكون السرير مكانا مثاليا لعقد الاتفاقية في قطاعين مهمين، التعليم العالي و المجتمع المدني و البرلمان؟ من زاوية أخرى، ألا يمكن أن يدخل الفساد الإداري والمالي لقطاعين يسيرهما زوجان من منزل واحد وتحت سقف واحد ولهما ميزانيتين كبيرتين من المال العام عن طريق صفقات متحايلة على مرسوم الصفقات الذي يبقى قانونا إنسانيا فيه ثغرات لتأمين الحياة الخاصة لما بعد 2016.؟ رابعا: على المستوى العلمي، أثار تسجيل الشوباني في سلك الدكتوراه هاته السنة بأكدال الرباط ضجة كبيرة سرعان ما خفتت، وتم قبول الشوباني في سلك الدكتورة حول "دور المجتمع المدني في صناعة القرار العمومي، دراسة سياسية قانونية"، فيما أقصيت طالبة أخرى كانت قد دفعت بموضوع مشابه لموضوع السيد الشوباني، دون أن نعلم تفاصيل الموضوع بشكل عميق ومن وراء هذا الإمتياز الذي أعطي للسيد الشوباني. أكثر من ذلك أثار حضور الوزير الحبيب الشوباني بسيارة الدولة لكلية الحقوق أكدال بالرباط ردود أفعال وسط طلبة الكلية التي يتابع فيها الشوباني دراسته ، وذلك بركنه لسيارة الخدمة ( الدولة) خلال الحصص الدراسة قرب سيارة عميد الكلية تاركا سائقه الخاص ينتظره داخلها إلى نهاية الحصة الدراسة. والسؤال هنا مشروع حول قانونية استعمال سيارة الدولة في شؤون خاصة بالوزير، خاصة وأن هذه المواقف قد تكلف الوزير منصبه الحكومي في الدول الديمقراطية. ترى هل كان السيد الشوباني يتصرف وكأنه زوج وزيرة في التعليم العالي وبالتالي يمكن أن يتدخل في رئاسة الجامعة وعمدائها بل وأساتذتها بطرقه الخاصة؟. خامسا: على مستوى تدبير الزمن الحكومي: ألم يرد الشوباني وبنخلدون أكثر من مرة بشأن ما يكتب وينشر عليهما من قبل الصحافة و في مواقع التواصل الإجتماعي؟ ألا يستغرق هذا الرد تركيزا ووقتا للاطلاع على كل ما ينشر بشأن الاقتران(الحادثة) من زمن التدبير الحكومي؟ ألم يكن حريا بالوزيرين استثمار وتوجيه طاقتيهما ووقتيهما في العمل الحكومي و إخراج مشروع قانون تنظيمي بعد سنة من الحوار حول المجتمع المدني بالنسبة للسيد الشوباني، وإعادة اصلاح ما يمكن إصلاحه في التعليم العالي بالنسبة للسيدة بنخلدون وهي المهام التي يتقاضى الإثنان بشأنها ملايين في الشهر مع تقاعد من مريح من المال العام؟ أبعد من ذلك، ما حصيلة الإثنين في حكومة السيد عبد الاله بنكيران وهما على رأس كل من الوزارة المنتدبة في التعليم العالي و العلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني؟ يتبع. عبد الحميد العزوزي باحث أكاديمي