تابع عشرات الآلاف من ساكنة وزوار مدينة المضيق، مساء أمس السبت، بإعجاب وإشادة طواف المشاعل، احتفاء بعيد الشباب المجيد. فقد استمتع جمهور غفير، احتشد على طول جنبات وساحات مدينة المضيق، بطواف المشاعل التقليدي والعروض الجماعية والفردية البديعة التي قدمتها باقتدار كبير تشكيلات وعناصر من موسيقيي ومشاة وخيالة الحرس الملكي، التي شدت اليها انظار المتتبعين، الذين حجوا الى مواقع مرور الطواف ومكان العروض قبل انطلاقها بساعات. وجابت تشكيلات من موسيقيي ومشاة وخيالة الحرس الملكي أهم شوارع مدينة المضيق، انطلاقا من الاقامة الملكية والى غاية شارع للا نزهة ثم الى ساحة الكورنيش، على وقع نغمات عسكرية وأخرى من ذخائر وروائع الأناشيد والأغاني الوطنية الحماسية، التي تخلد لمحطات تاريخية بارزة حاضرة على الدوام في أذهان ووجدان الشعب المغربي. وأحالت مشاعل الطواف ليل مدينة المضيق الشاطئية إلى لوحات مفتوحة جميلة من الأنوار والألوان ،عكست بهجة ساكنة المنطقة والوافدين عليها بعيد الشباب المجيد وتعلقهم بالعرش المجيد وشخص صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يولي اهتماما خاصا للمنطقة للرقي بها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا إسوة بباقي مناطق المغرب من طنجة الى الكويرة. كما زاد بهاء هذا الطواف المتألق كعادته كل سنة مختلف مظاهر الاحتفال ،التي تأثثت وتزينت بها المدينة لاستقبال عيد الشباب المجيد، الذي له مكانة خاصة في قلوب المغاربة أجمعين. وأبدعت تشكيلة من عناصر الحرس الملكي في تقديم لوحات استعراضية وعروض جماعية رائعة أثارت إعجاب واستحسان الجمهور الحاضر، الذي حج بكثافة الى ساحة الكورنيش، حيث جسد عناصر الحرس الملكي أحد أعرق المظاهر الاحتفالية التقليدية الأصيلة بالمغرب وقدموا لوحات كوريغرافية وهندسية بتقنيات دقيقة وبديعة وحنكة كبيرة نالت تصفيقات طويلة وصيحات اعجاب الجمهور العريض. كما أبهرت تشكيلة الحرس الملكي المتابعين بعروض بالسلاح بسلاسة وجمالية و انسجام تام بين الحركات الاستعراضية والإيقاعات الموسيقية للفرقة النحاسية للحرس الملكي، امتزجت فيها الحركات المتداخلة والمتقاطعة بين التشكيلات، والأداء الفردي و الجماعي الباهر. ويعتبر الطواف بالمشاعل الغني بتناسق الألوان و الأنغام الموسيقية من بين مظاهر الأصالة المغربية كما يحيل إلى صميم تقاليد الحرس الملكي العريقة. وإذا كان الحرس الملكي عرف هذا الطواف مع بداية القرن العشرين فقد أصبح ينظم اليوم ليلتي عيدي العرش والشباب. وتجدر الإشارة إلى أنه تم تنظيم الطواف بالمشاعل بمناسبة عيد العرش لأول مرة سنة 1947 انطلاقا من القصر الملكي بالرباط ليجوب أهم شوارع المدينة على وقع نغمات الموسيقى العسكرية وفق نظام ثابت لم يعرف أي تغيير منذ ذلك التاريخ، ويتنافس حملة المشاعل والخيالة والموسيقيون على السواء لجعل بذلاتهم في أبهى حلة و لتقديم أجمل العروض لإمتاع الجمهور و مشاركة الشعب المغربي احتفالاته بالأعياد الوطنية. ويتفرد طواف المشاعل بجمعه بين الأصالة والمعاصرة ،التي تعكس تشبث المغاربة بتقاليدهم وتراثهم وحرصهم على مواكبة الحداثة والتطور وفخرهم بغنى الروافد الثقافية للمملكة ،فبعدما كانت تضيء بواسطة الزيت ثم بالشموع أصبحت اليوم مزودة بمصباح "ليد" بفضل حنكة أحد جنود الوحدة مما سهل استعمال المشاعل بكيفية آمنة وأعطى كذلك إنارة مستمرة تنبعث من خلال زجاج بألوان قوس قزح الذي يزين المشاعل. وتبقى هذه الاحتفالية الخاصة مناسبة طافحة بالرموز والمعاني والدلالات، تتجسد فيها أواصر الولاء الدائم والبيعة الوثقى والتلاحم العميق بين الشعب والعرش، وهي كذلك مناسبة عزيزة متجددة يستقبلها كل افراد المجتمع المغربي بكامل الاعتزاز والفخر، ويرى فيها استمرار أصالته وعراقته، وعنوان تجديد شبابه، ومبعث آماله ومطامحه.