مفوضية حقوق الإنسان اعتبرت أفعال المتابعين خطيرة جدا وحقوقيون إيطاليون يشيدون بعدالة المحاكمة فشلت بوليساريو في رهانها على تقارير المنظمات الحقوقية الدولية بخصوص محاكمة جناة " أكديك إزيك"، خاصة بعدما اعتبر المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، روبرت كولفيل، الأفعال التي قام بها المتهمون بأنها كانت "خطيرة جدا، أسفرت عن خسائر في الأرواح، ومن المهم أن تأخذ العدالة مجراها". واقتصرت مؤاخذات المفوضية السامية لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته أول أمس (الثلاثاء)، على الجانب الشكلي للمحاكمة، عندما طالبت بضرورة "احترام المسار القضائي بشكل صارم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة". وفي الوقت الذي تجنب فيه البيان الأممي الخوض في الأحكام الصادرة، تحفظ عن استخدام محكمة عسكرية لمحاكمة مدنيين، مضيفا أن استخدام محاكم خاصة أو محاكم عسكرية لمحاكمة المدنيين يثير مشاكل خطيرة"، خاصة في ما يتعلق بالعدل ونزاهة واستقلال القضاء. من جهته، سجل المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلِّ النزاعات، في تقريرَه النهائيَّ حول محاكمة "أكديم إيزيك أن المحاكمة كانت عادلة وعلنية، بشكل سمح للمراقبين الدوليين وأهالي الضحايا بالحضور إلى جانب الصحافة في نقلها جزء مهما من المحاكمة، التي أضحت قضية رأي عام. وأضاف التقرير في هذا السياق، أن المحاكمة مرت في أجواء عادية، واتسمت على وجه العموم بسلامة الإجراءات، فخلفت بذلك ارتياحا لدى المتهمين الذين بادر العديد منهم عند الاستماع إليهم إلى التعبير عن شكرهم لرئيس الهيأة، رغم أن كل المتهمين كانوا يدخلون ويخرجون من القاعة، مرددين شعار "لا شرعية للمحكمة العسكرية". وبخصوص الأحكام الصادرة، أكد التقرير أنها تتناسب مع طبيعة الأدلة التي عرضتها النيابة العامة، التي تثبت تورط المتهمين بتكوين عصابات تهدد أمن البلاد، وأدت إلى وقوع ضحايا في صفوف قوات الأمن المغربي. كما أكد التقرير أن رئيس هيأة الحكم بذل جهدا كبيرا في تسيير الجلسات وتدبير مجرياتها، وأبدى مرونة في التعامل مع المتهمين أثناء استجوابهم، ومع هيأة الدفاع، غير أن ذلك لم يمنع وقوع بعض التشنجات بين هيأة الدفاع ورئاسة الجلسة من جهة، وبينها وبين ممثل النيابة العامة من جهة أخرى، لكن تلكَ التشنجات سرعان ما كانت تجد طريقها إلى الحل بفضل صبر ومرونة رئيس الجلسة. ووقف التقرير عند الطريقة التي تعاملت بها السلطات الأمنية مع المتهمين، الذين كانوا يتنقلون بكامل الحرية وبدون أصفاد، مرددين شعارات سياسية، وملوحين بشارات النصر، كما أن بعض الملاحظين الدوليين تجاذبوا معهم أطراف الحديث في فترات رفع الجلسات للاستراحة. كما نبه التقرير إلى أن بعض الملاحظين لم يخفوا دعمهم ومساندتهم المباشرة والعلنية للمتهمين داخل المحكمة وخارجها، وذلك بوقوفهم ضمن الوقفات الاحتجاجية لعائلات المتهمين. من جهتها، أجمعت فعاليات حقوقية أوربية، تابعت أطوار المحاكمة، أن الأخيرة جرت في احترام للشروط الأساسية لمحاكمة "منصفة وعادلة ونزيهة". واعتبر نقيب هيأة محامي بروكسيل، بيير لوغرو، أن المحاكمة تمت في أجواء مشجعة في ما يتعلق باحترام المادة 6 من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، وفي احترام لحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة، كما يشهد على ذلك حضور عدد من المراقبين ووسائل الإعلام الأجنبية . وأشاد ممثلون عن النسيج الجمعوي الإيطالي بأطوار المحاكمة العسكرية لمعتقلي أحداث "إكديم إزيك" بالعيون، وأكدوا أن المحاكمة "كانت عادلة وشفافة ولم تعرف أي تجاوزات"، حسب مضمون تقرير توصلت "الصباح" بنسخة منه. وسجل المراقبون الإيطاليون أن المتهمين الصحراويين، جاؤوا إلى المحاكمة بزيهم الصحراوي الذي يعبر عن هويتهم، كما أنهم لم يكونوا مصفودي الأيدي، وضمنت لهم حرية التعبير والرأي، ومنح لهم الوقت الكافي للإدلاء بأقوالهم، كما رفعوا شعارا يعتبر عن قناعاتهم السياسية المدعمة لجبهة بوليساريو. وجاء في تقرير المراقبين الإيطاليين، وهم سارة باريزي (ميلانو) وماسيميلانو بوكوليني (نابولي) وفرانشيسكو دي ريميغيز (روما) وفيوليا لاكوفينو (روما)، أن المتهمين كانت لهم الحرية المطلقة في الحديث مع الحضور الذي كان متابعا لأطوار المحاكمة، والتي حضرها مراقبون دوليون وصحافيون مغاربة وأجانب، كما وفرت إدارة المحكمة أجهزة الترجمة إلى أربع لغات، العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية. وخلص التقرير إلى أن المحاكمة كانت عادلة واتسمت بالشفافية، وتميزت بالتوازن والمساواة بين المتهمين والدفاع المدني، ومنحت الجميع الحق في إبداء حججه وبراهينه، كما سمحت المحكمة للمتهمين بالترافع بكل حرية، وقدمت أثناء المحاكمة أشرطة فيديو وصورا ثابتة، شكلت أدلة قاطعة ضد المتهمين، إضافة إلى شهود عيان، والذين أدانوا المتهمين بالقتل العمد في حق رجال من قوات الأمن الوطني. وأشاد التقرير بحياد رجال الأمن، وسمحوا لأسر الضحايا والمتهمين بترديد شعاراتهم المساندة لذويهم دون منعهم. ولم يكن تقرير النسيج الحقوقي الإيطالي، الوحيد الذي أشاد بأطوار المحاكمة، وبشفافيتها واعتمادها على احترام حقوق المتهمين، فهناك تقارير وطنية ودولية أشادت بها، واعتبرت أنها كانت نموذجية، وأن الأحكام الصادرة في حق المتهميين، كانت واضحة في ما يخص ثبوت الإدانة في حق المتهمين بناء على الأدلة التي عرضتها النيابة العامة. وكان مخيم "إكديم إيزيك" بالعيون، شهد سنة 2010، احتجاجات اجتماعية تحولت إلى أحداث عنيفة، بعد تدخل أطراف محسوبة على انفصاليي الداخل، والممولين من طرف جبهة بوليساريو والجزائر، لتشعل فتيل حرب صغيرة، كان هدفها ضرب الاستقرار الذي تعرفه المنطقة، والذي لا يصب في مصلحة الانفصاليين الساعين إلى وأد مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.