في احدى سنواتي الطبية طلب منا في مناوبة ليلية أن نبقي أحد المرضى مستيقظا فغيابه عن الوعي قد يعني أن حالته قد تسوء.. زميلة مناوبتي لم تبالي بالأمر وذهبت لتنام، الشيء الذي أغضبني كثيرا.. فما كان مني الا أن تكلفت بإيقاظ المريض كل 10 دقائق لمدة احدى عشرة ساعة متتالية.. كنت أستعمل صفعات وقرصات مؤلمة لكي يستيقظ، وكانت حدة الصفعات تزداد مع توالي الساعات وتزايد غضبي من المهمة التي كرهتها.. لم يفهم زملاء غرفته لماذا أفعل ذلك، واستهجنوا الأمر وغضبوا من ايقاظي لهم أيضا طيلة الليل.. ولم أفهم أنا أيضا لماذا أقوم بمهمة لا أعرف أسبابها.. ديك الليلة شبعت في المريض تصرفيق وقريص.. للتنفيس عن غضبي.. في صباح اليوم التالي، ذهبت للاطمئنان عليه، فما كان منه إلا أن قال لي " الله يرحم ليك الواليدين عتقتيني"... غرغروا عينيا وماعرفتش شنو واقع، حتى شرحت لي الطبيبة المسؤولة حرج حالته في تلك الساعات.. ولم أندم أبدا على ما فعلت.. كانت تلك أول مرة أتسبب فيها بألم لمريض من أجل مساعدته.. ولم تكن الأخيرة.. أول مرة سرقت في الصبيطار، كانت في سنتي الثالثة.. حينما رفض أحد العاملين تزويدي بخيوط الغرز من أجل مريض يحتضر، فاستغليت لحظة غفلة منه، وسرقتها.. وجه ذلك الشخص لا يزال مرسوما في ذاكرتي.. فقد ظلت صرخاته التي تتهمني بالسرقة ترن ف أذني.. لكني لم أندم أبدا على ما فعلت.. كانت تلك أول سرقة طبية أقوم بها في المستشفى.. ولم تكن الأخيرة..