'البوليساريو إذا هاجموا المسيرة سنأكلهم' من كلمات الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله. كلمات كالرعد دوت في أسماع الانفصاليين, لتعيها آذانهم, وتخضع لها رقابهم وجوارحهم, ويحفظ الله بها وبصاحبها مسيرة خضراء, انتعشت بقدومها الصحراء ومدنها, انطلاقاً من أوسرد والساقية الحمراء وواد الذهب, وصولاً إلى العيون وواد نون, بعد الجفاف والقحط الذي ألم بهذه المدن بسبب الفوضى والتهريب تحت رعاية المستعمر الإسباني. إن زعزعة وحدة المغرب وأمنه واستقرار صحرائه مؤامرة من مخلفات سياسة المستعمر الفرنسي الإسباني, سيئ الصيت, الذي عمل ضمن نطاق نظرية فرق تسد, وهيأ لها قبل رحيله مناخاً يلائم استمرارها, فكان القذافي مشرعاً بكتابه الأخضر لشرعيتها, واستخلف جنرالات الجزائر حماة لها. فكان لابد من مواجهة تلك المؤامرة بالقلم والبندقية وكل ما هو غالٍ ونفيس. وفي الكتاب الأخضر الذي تبنى أطروحة انفصال الجنوب المغربي, نجد أن يد القذافي اخترقت كل الحدود جراء دعمها لعصابة البوليساريو بمختلف أنواع الدعم, وعلى رأسه المال والسلاح, وذلك في سبيل توسيع مستنقع الانفصال, وتقزيم المغرب على الخارطة, وتصغير قيمته في المنطقة, والحد من إتخاذه قرارات تخدم الإسلام, كقرار إنشاء لجنة القدس التي تشكلت بقرار من الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله. ولم يتوقف الدعم القذافي للبوليساريو عند بوابة المال والسلاح فقط, بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك, حيث أنه وبسلوك غير ودي من القذافي اتجاه المغرب في احتفالات الفاتح, قام القذافي بإقحام زعيم عصابة البوليساريو محمد ولد عبدالعزيز بين الحضور, الذي كان فيهم أيضاً وفد مغربي رفيع المستوى, يترأسه رئيس الحكومة المغربية السابق عباس الفاسي, كنوع من نقض المواثيق والاستهزاء بسيادة الدول. وكان العقاب الإلهي الذي ألم بالقذافي بعد ذلك, وقبل التنكيل به على يد ثوار مصراتة, كما تنبأ الملك الراحل الحسن الثاني لنهاية القذافي, حيث خاطبه بأنه سيأتي يوم لن يجد فيه يد عون تمتد نحوه .. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. أما الترسانة العسكرية الجزائرية, التي جعل منها جنرالات الجزائر مرعى للذئب البوليساريوي, يبطش بها كيف يشاء, فيتعدى بها على شركات التنقيب في موريتانيا ويفتك بواسطتها بآلاف الشهداء المغاربة, حتى لا تكاد تجد مدينة من مدن المملكة المغربية إلا وفيها حي باسم الشهداء..... فإن تلك الترسانة تشهد على تهميش المواطن الجزائري وتجويعه واحتقاره, مع استمرار احتجاز بعض الأهالي الصحراويين المغاربة في المخيمات بتندوف, ومعاناتهم تحت ظل ظروف قاسية لا تسمح بتوفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة للإنسان, بهدف النيل من وحدة المغرب, نظراً لأحقاد وضغائن مبنية على هزيمة جنرالات الجزائر في حرب الرمال بقوة الله وسواعد جنوده في الأرض, كالجنرال إدريس بنعمار بقيادة الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله. وبما أن الأيام غدارة, وما كان متوفراً في الأمس يصعب توفيره اليوم, فإن جنرالات الجزائر وجدوا أنفسهم أمام معضلة مرض هرمهم الرئيس بوتفليقة, وتنازعهم السلطة فيما بينهم, وهو الشيء الذي أصبح يهدد وحدة الجزائر في الصميم. وبعد هرم جنرالات الجزائر وانتقال القذافي إلى الدرك الأسفل تحت التراب, نقول بأن الصحراء كانت ولا تزال أرضاً مغربية, بشهادة الروابط التاريخية التي أكدتها محكمة العدل الدولية. وقد أفسح المجال أمام المغرب لإعادة النظر في سياسته المنتهجة في الصحراء, واتباع نهج جديد, قائم على الإحسان على المحسنين بدلاً من الإنفصاليين, من أجل وضع لمسات جديدة تساهم في تمتين وحدته, وتضاف إلى وجوده على الأرض من خلال التنمية الشاملة, التي لم تعرف توقفاً منذ المسيرة الخضراء, والإصلاحات السياسية والدستورية التي شهدتها المملكة مؤخراً, حيث احترام المواثيق الدولية وسيادة القانون, وسياسة الريع العام في كل جهات المغرب دون تمييز أو إقصاء, فضلاً عن صمود سلطات الأمن أمام اندفاع بعض الانفصاليين, المدعومين بقوة جلها أصبح في خبر كان, إما تحت الأنقاض, أو خلف جدران ثكنات عسكرية هشة قد أصابها الهرم والوهن. كاتب وناشط سياسي موريتاني