"امحمد بوستة" الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال، و واحد من رجالات الدولة البارزين، زعيم سياسي ومحام مغربي، عُرف بمواجهته الصارمة لإدريس البصري وزير الداخلية أيام الملك الراحل الحسن الثاني، خاصة أيام اشتداد الأزمة بين المعارضة والحكومة، الرجل الذي قاد حزب الاستقلال مدة 20 سنة، مات الحكيم الصامت الذي ظل طوال حياته عنوانا للبحث الهادئ عن عمر 92. ولد "محمد بوستة" عام 1925 في مدينة مراكش بالمغرب، و درس المرحلة الابتدائية والثانوية في مراكش، وأكمل دراسته الجامعية في "جامعة السوربون" الفرنسية في تخصص القانون والفلسفة. فتح عام 1950 مكتبا للمحاماة في الدارالبيضاء، وأصبح في ما بعد نقيبا للمحامين، وتخرج في مكتبه محامون مشهورون، منهم رئيس الوزراء السابق" عباس الفاسي". انخرط الراحل في العمل الوطني في سن مبكرة، شغل منصب وزير الخارجية في حكومة "أحمد عصمان"، لكنه قدم استقالته منها عام 1963 مع" علال الفاسي" و"محمد الدويري"، و كان احد مؤسسي حزب الاستقلال الذي صار عضو مجلسه التنفيذي سنة 1963، قبل أن ينتخب أمينا عاما له سنة 1974، بعد وفاة الراحل "علال الفاسي"، مند 1998 أصبح عضو مجلس رئاسة الحزب و رئيسا لمؤسسة "علال الفاسي". ظهر اسم "امحمد بوستة" للمرة الأولى كمسؤول حكومي في فجر الاستقلال سنة 1958 كوكيل في الشؤون الخارجية في حكومة "أحمد بلفريج"، ووزيرا للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري عام 1961. قبل أن يتقلد عدد من المناصب الحكومية و من بين تلك القطاعات الحكومية وزارة الشؤون الخارجية خلال الفترة الممتدة بين 1977 و 1983. استدعاه الملك الراحل "الحسن الثاني" لمّا حاول فتح الباب لتجربة التناوب، بعد حديثه عن تهديد سكتة قلبية للمغرب، وعرض عليه تشكيل الحكومة لكنه رفض بسبب تدخل "إدريس البصري" في "إفساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات"، وانتقد تغول وزارة الداخلية وتحولها إلى "أم الوزارات". أسهم في فك هيمنة السياسيين المنحدرين من أصول فاسية على قيادة الحزب "اللجنة التنفيذية"، وأدخل لها لأول مرة شخصيات من مراكش وغيرها. دعا بوستة في 11 يناير 2004 الشباب المغربي لاستلهام روح وثيقة المطالبة بالاستقلال لاستكمال تحرير باقي الأجزاء المغتصبة من التراب المغربي، ودعا كذلك لوقف مسلسل المفاوضات مع جبهة البوليساريو بخصوص نزاع الصحراء المغربية، وطالب بتنزيل المشروع المغربي القاضي بتطبيق الحكم الذاتي في الصحراء المغربية . وكان آخر ما قام به الراحل في حياته السياسية، قبل أن تسوء حالته الصحية، ويدخل المستشفى العسكري بالرباط، تزعمه أواخر 2016 الدعوة إلى استقالة الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، بسبب تصريحات للأخير قال فيها إن "موريتانيا تاريخيا أرض مغربية". وتضمن البيان الذي أصدره بوستة مع الأمين العام السابق لحزب الاستقلال "عباس الفاسي" وآخرين "نجزم ونعلن أن السيد حميد شباط أثبت أنه غير مؤهل ولا قادر على مواصلة تحمل مسؤولية الأمانة العامة لحزب الاستقلال". عينه الملك محمد السادس سنة 2003، رئيسا للجنة الملكية الاستشارية المكلفة بإصلاح مدونة الأسرة و تسلم في نفس السنة من جلالته وسام العرش، وحصل في 16 فبراير 2012 على وسام "نجمة القدس" من السلطة الفلسطينية تقديرا لدوره في نصرة القضية الفلسطينية.