من النادر أن تجد طفلا مسلما في النرويج يصوم في رمضان نظرا لطول فترة الإمساك عن الأكل والشرب والتي قد تزيد عن 21 ساعة. "آدم" طفل نرويجي من ناحية الأم، كسر القاعدة وأصر على الصيام في رمضان السنة الجارية وهو لم يتجاوز ربيعه الثاني عشر. "بمشقة الأنفس أكملت يومي الأول من رمضان"، يقول آدم، "فقد حاولت مرارا التوقف عن الصوم لكن رغبتي في إكمال يوم سيكون موشوما في ذاكرتي، جعلني أتخذ لذلك سبلا كثيرة من حيث تقسيم فتراته بين مساعدة والدتي والنوم والالتقاء ببعض الأصدقاء". ويعتبر الصوم في النرويج وباقي المناطق الاسكندنافية في فترة الصيف أكثر صعوبة لكون ساعات الليل أقصر وقد لا تزيد عن أربع ساعات في أحسن الأحوال. و بحسب التقويم العالمي للبلدان، فإن معظم البلدان التي تعرف أطول فترات الصيام تنتمي إلى المنطقة الاسكندنافية من ضمنها فنلندا وإيسلندا والسويد والدانمارك والنرويج. ورغم كل ذلك، فإن أطفالا مثل "جاد" يصومون لكونهم يريدون تطبيق واجب ديني يرون آباءهم يحرصون على القيام به. "جاد"، الذي لم يكمل ربيعه الثالث عشر، يقول إن الجو الحار نسبيا لم يمنعه من صوم رمضان لهذه السنة، وأن صيفه الحالي لم يكن له تأثير بالغ عليه، لا سيما وأن النرويج تعرف حاليا فترة متقلبة يكون فيها الجو معتدلا. وأكد أن إمساكه عن الأكل والشرب مثير نوعا ما للانتباه في بلد تغيب فيه أي مظاهر للأجواء الرمضانية المعروفة في البلدان الإسلامية، مشيرا إلى أن الأيام الأولى كانت الأصعب "لكني قمت بالاستراحة خلال يومين ثم استأنفت الصيام نهاية الأسبوع حيث لا واجبات دراسية أو ارتباطات ضمن الوقت الثالث الذي أقضيه في لعب كرة القدم في نادي المفضل". ويرى فقهاء أنه لا ينبغي إجبار الأطفال على الصوم، بل تحبيب هذه الشعيرة الدينية إليهم بخلق أجواء روحانية مناسبة وتعويدهم على الصوم بطريقة تدريجية. عزيزة الساعدي، المقيمة في النرويج، أكدت أنها لا يمكن أن تجاري ابنتها ذات العشر سنوات التي تلح على الصوم في مثل هذه المرحلة من السنة التي تكون فيها الفترة طويلة جدا، خاصة أنه غير مفروض عليها من الناحية الدينية، مشيرة إلى أنها اقترحت على ابنتها، في المقابل، الصوم لساعات معينة فقط في بداية اليوم، كتمرين لها على الصبر . وفي هذا الصدد، حذر الطبيب براء العويس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، من المضاعفات الصحية التي قد تترتب عن السماح للأطفال بالصيام دون الاحتكام إلى ضوابط تحمي أوضاعهم الصحية، موضحا أنه "لو سلمنا بأن التوقف عن تناول الأطعمة يساهم في تنشيط عمليات طرح مواد غير نافعة، فإن التوقف عن تناول الماء بالنسبة للأطفال قد يكون له تأثير سلبي على وظائف الأعضاء جميعا". وعلى الرغم من ذلك، يبقى صيام الأطفال أمرا محببا لدى المسلمين في هذه المناطق التي تحاول خلق أجواء روحانية رمضانية وإشراك أبنائها، خاصة أن المظاهر الرمضانية الكبرى شبه غائبة مقارنة مع البلدان الإسلامية.