جمعت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير بين كلمة تحريض والهند "تحريض هندي" وقالت في تقرير لها، إن المتعصبين الهندوس يحثون الهنود وبشكل مفتوح على قتل المسلمين، فيما يقف الحزب الحاكم متفرجا ولا يعمل شيئا. وأشارت إلى صراخ كاهن هندوسي في لقاء "البرلمان الديني" الذي عقد على مدار ثلاثة أيام في شمال الهند الشهر الماضي: "على كل الهندوس حمل السلاح والقيام بحملة تنظيف". وقالت أخرى بطريقة نارية وأكثر فظاظة: "لو تحول مئة منا إلى جنود وقتلنا مليونين منهم فسنكون منتصرين". وعنت ب"منهم" مليوني مسلم. وقالت إن هؤلاء الكهنة الذين يتلاعبون بالدم ليسوا متعصبين معزولين، ففي ظل الحكومة القومية الهندوسية بزعامة ناريندرا مودي، تحولت الهند التي توصف بأنها أكبر ديمقراطية في العالم إلى دولة غير متسامحة بشكل متزايد. ففي مدينة غورغين قرب العاصمة نيودلهي، مُنع المسلمون من الصلاة في الأماكن العامة؛ لأن صلاتهم بشكل مفتوح "تؤذي المشاعر". كما حُرموا من التصاريح لبناء مساجد في أماكن أخرى. وفي مناطق أخرى يتهم المسلمون بنقل المواشي لذبحها أو أنهم يملكون لحم البقر، حيث تم سحل بعضهم. وفي الأشهر الأخيرة، قام المتطرفون الهندوس باضطهاد النساء المسلمات عبر تطبيق عرضوا فيه النساء من خلال "مزاد" مزيف. وتقول المجلة إن المسلمين ليسوا هدفا للشوفينية الهندوسية. ففي بلدة فاراناسي التي يوجد فيها معبد مهم، حذرت ملصقات غير الهندوس بعدم الظهور. وزادت في السنوات الأخيرة الهجمات ضد المسيحيين، وهم أقلية صغيرة. وفي الأسبوع الماضي وبعد أن تأخر رئيس الوزراء مودي في ممر بمنطقة البنجاب ذات الغالبية السيخية، حذر حزب بهارتيا جاناتا من أيام سوداء مثل سنة 1984 عندما قتل آلاف من السيخ في مذبحة بعد اغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي على يد حارسها السيخي. وفي مؤشر التمييز ضد الأقليات الذي تعده جامعة إيلان في إسرائيل، كانت مرتبة الهند أسوأ من السعودية وليست أحسن من إيران. ومن الصعب معرفة حجم وعدد جرائم الكراهية في الهند، فقد تم إغلاق المؤسسات التي تراقب هذه الجرائم عام 2017 و2019 وتوقفت الحكومة عن جمع البيانات عام 2017. وتقول المجلة إن ما يدعو على الخوف هو صمت الحكومة، من رئيس الوزراء إلى من هو أسفل منه، حيث لم يقم أي مسؤول بارز بشجب دعوات التحريض. وعندما سألت "بي بي سي" أحد قادة الحزب الحاكم رفض التعليق، ونزع الميكروفون وخرج من الاستوديو. وناشد أكاديميون وبيروقراطيون وضباط جيش متقاعدون مرة بعد الأخرى مودي ودعوه للتهدئة. ولم يشجب هذا إلا شخصية غير مهمة وهي نائب الرئيس. ومع اقتراب موعد الانتخابات المهمة في الشهر المقبل، فإن قادة حزب بهراتيا جاناتا لم يحثوا الناس على قتل الأقليات، بل يحرضون على الكراهية. وقال وزير ولاية أوتا براديش، يوغي أديتياناث، إن التصويت هو بنسبة 80% ضد 20% أي الهندوس ضد المسلمين. ويرى معلقون أن قادة الحزب لجأوا إلى الخطاب الانقسامي والكراهية؛ لأنه لم يعد لديهم وعود انقسامية أخرى مثل تجريد جامو وكشمير من وضعهما الخاص في الدستور، حيث تعيش فيها غالبية مسلمة أو البدء ببناء معبد على أنقاض مسجد أيوديا الذي دمره المتطرفون الهندوس. وبعدما حققت هذين الوعدين، لم يعد لحكومة مودي ما تقدمه. ومع تراجع الاقتصاد بسبب الوباء والتهديد الصيني وغياب فرص العمل للملايين، فليس لديها إلا الاعتماد على أسوأ ما لديها وهي الكراهية والتحريض. وتقول المجلة إن على الحكومة الهندية التوقف عن الدفع بالفكرة السخيفة عن تهديد 300 ملايين هندي غير هندوسي ل1.1 مليار يمثلون الغالبية. واستمرارها بهذا، يعني إطلاق العنان لقوى لن تستطيع السيطرة عليها. فالعنف الطائفي يمكن أن يولد زخمه الخاص. وقد عانت الهند في الماضي بما فيه الكفاية والمخاطر واضحة: فقد مات مئات الآلاف أثناء التقسيم، وشهدت العقود اللاحقة على الاستقلال مذابح وأوبئة. وحتى وقت قريب، كان بعض الساسة المارقين هم من حرضوا على الكراهية وأثاروها من أجل الحصول على منافع انتخابية، وظلت الدولة العلمانية بمثابة المقيد لهذه النزاعات، ولم تعد موجودة. ولم يهتم الغرب الذي حرفت روسيا والصين نظره بالوضع في الهند. لكن استقرار الديمقراطية الهندية يظل موازيا قويا للديكتاتورية الصينية. والهند تسيطر عليها الشوفينية الهندوسية لن تكون قبيحة لسكانها، بل ستنشر عدم الاستقرار وستعرّض علاقات الهند مع الجيران المسلمين. ويجب على أصدقاء الهند، بدءا من الولاياتالمتحدة استخدام تأثيرهم وإقناع مودي وأتباعه بوقف انتشار الكراهية قبل أن تنفجر إلى عنف. ومودي يريد أن يمنع هذه المصيبة، أيضا، فهل يستطيع؟.