أظهرت دراسة دولية كبرى أن النساء اللواتي يتناولن الباراسيتامول أثناء الحمل أكثر عرضة لولادة أطفال مصابين بالتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وحللت الدراسة البيانات الصحية الخاصة بأكثر من 70 ألف طفل في ست دول أوروبية بما في ذلك المملكة المتحدة من قبل فريق من جامعة برشلونة. واكتشف الباحثون أن 56% من الأمهات اللائي لديهن أطفال يعانون من طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تناولن الباراسيتامول أثناء الحمل. ويعد الباراسيتامول أكثر الأدوية شيوعا التي تتناولها النساء الحوامل لتسكين الآلام، حيث قال 65% منهن إنهن استخدمنه خلال فترة الحمل. ولم تستكشف هذه الدراسة السبب الدقيق، لكن الدراسات السابقة أظهرت أن الدواء يمكن أن يدخل جسم الطفل ويطلق السموم التي ارتبطت بضعف الأداء الإدراكي ومشاكل السلوك لدى الأطفال. وأوضح الباحثون أن النساء الحوامل لا ينبغي لهن التوقف عن تناول الدواء إذا كن يعانين من الألم، ولكن يجب استخدامه فقط "عند الضرورة" لتقليل المخاطر. وقال البروفيسور جوردي سونير، المؤلف المشارك في الدراسة:"الباراسيتامول هو أكثر الأدوية المضادة للالتهابات أمانا لحياة ما قبل الولادة. ولكن، حتى الباراسيتامول أظهر آثارا جانبية. لذا، احصل عليه فقط إذا لزم الأمر". ووجدت هذه الدراسة الجديدة أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم مسكنات الآلام كانوا أكثر عرضة بنسبة 19% للإصابة بالتوحد و21% أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. والدراسة، التي تضمنت أيضا بيانات مصدرها الدنمارك وهولندا وإيطاليا واليونان وإسبانيا ، تدعم نتائج بحث سابق أظهر أن الباراسيتامول يمكن أن يعبر حاجز المشيمة وربما يبقى فترة طويلة في الدورة الدموية للرضيع. وكشفت دراسات أخرى أن البقاء في الدورة الدموية للرضع يرتبط بضعف الأداء المعرفي والمشاكل السلوكية عندما يكبرون. وقالت الدكتورة سيلفيا أليماني، باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة برشلونة: "وجدنا أيضا أن التعرض قبل الولادة للباراسيتامول يؤثر على الأولاد والبنات بطريقة مماثلة، حيث لاحظنا عمليا عدم وجود اختلافات". وقال الدكتور سونير إنه بالنظر إلى جميع الأدلة التي تربط الباراسيتامول بالاضطرابات العصبية، لا ينبغي إيقاف الدواء أثناء الحمل، ولكن يجب إعطاؤه فقط "عند الضرورة". وفي مرحلة ما خلال فترة الحمل، يستخدم ما يقدر بنحو 46-56% من النساء الحوامل في البلدان المتقدمة الباراسيتامول، والذي يعد أكثر المسكنات أمانا للنساء الحوامل والأطفال. ومع ذلك، فقد ربطت الأدلة المتزايدة بين التعرض للباراسيتامول قبل الولادة وبين ضعف الأداء الإدراكي، والمزيد من المشاكل السلوكية، وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. ووقع انتقاد هذه الدراسات السابقة لأنها لا تشمل أشخاصا من مجموعة واسعة من الخلفيات والمواقع. وهذا هو السبب في أن الدراسة الجديدة تضمنت معلومات مستفيضة من دراسات طولية متعددة أجريت على النساء الحوامل في جميع أنحاء أوروبا. ومع ذلك، خلص فريق البحث إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات.