عبرت الهيئة الحقوقية لجماعة العدل و الإحسان، عن رفضها لجملة من الأخطاء والمغالطات وللمقاربة الانتقائية التي سادت في معظم سطور التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي صدر يوم 17 أبريل الجاري، مشيرة إلى أن “هذا التقرير وفقراته صيغ في مجمله، وفق خطاب تبريري يسوغ للدولة كل تصرفاتها تجاه المعارضين والمنتقدين”. وبناءا عل ذلك، شجبت الهيئة في بلاغ توصل “نون بريس” بنسخة منه، “تبيض المجلس للسلطوية وتغطية على الانتهاكات الحقوقية بعيدا عن اختصاصاته الدستورية التي فصلها القانون رقم 76.15 المنظم للمجلس، وضاربا عرض الحائط مبادئ باريس وفي مقدمتها الاستقلالية باعتباره مؤسسة وطنية المفروض فيها تعزيز ثقافة حقوق الانسان وحماية الحقوق والحريات”. وأضافت أنه وبخصوص قضية معتقلي حراك الريف، فقد حاول التقرير “أن يبترها من سياقها ويقلص حجمها ويحولها من قضية مجتمعية لها مبرراتها وأهدافها، إلى ملفات فردية لأشخاص يقضون عقوبات سجنية عادية، كما نفى التقرير ادعاءات التعذيب التي أكدها المعتقلون”. وإذا كان التقرير ذكر أن عدد الشكايات الواردة على المجلس ولجنه الجهوية قد بلغ 3150 شكاية، فإن هذا الرقم لا يعكس البتة حجم الانتهاكات الحقوقية المنتشرة في ربوع البلاد، لأن الكثير من الضحايا لا يجدون جدوى في اللجوء لهذه المؤسسة، لافتقادها للحياد والاستقلالية. أوضحت الهيئة ذاتها أنه وبخصوص الحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، فقد حاول تقرير المجلس أن” يبرأ السلطات العمومية من التعسفات التي يتعرض لها الصحفيون، ولم يشر إلى محاكمة العديد منهم بتهم واهية، هدفها التضييق على المهنة وتكميم الأفواه، كما لم يتناول التقرير، الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها بعض وسائل الإعلام من خلال حملات التشهير، وانتهاك الحياة الخاصة لمن يعارضون السلطة”. أما بخصوص حرية التجمع، أشارت الهيئة في بلاغها أن التقرير”اكتفى بإثارتها في نقطتين حصريتين”، معبرة عن استغرابها لسكوت المجلس عن “الشطط الذي عرفته قضية البيوت المشمعة ظلما وتعسفا من طرف السلطات في عدة مدن مغربية والتي بلغ عددها 14 بيتا (وليس 11 كما جاء في الصفحة 24) وقد حرم أصحابها من الحق في التملك، والحق في السكن، والحق في الأمن الأسري، وما تتعرض له هذه البيوت من السرقة والتخريب أمام أعين السلطات”. وأضافت أن التقري، “لم يكتف بالسكوت عن هذا الشطط في استعمال السلطة بل انخرط هو الآخر في ممارسة الشطط ، حيث نعت المجلس جماعة العدل والإحسان التي ينتسب إليها أصحاب هذه البيوت بعبارة “جمعية غير مرخص بها”. بالرغم من علمه بعشرات الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم المغرب بمختلف درجاتها وفي مدن عديدة، تؤكد قانونية الجماعة، ولا نحتاج التذكير بأن القانون المنظم للجمعيات ينص على التصريح وليس الترخيص. واعتماد هذه العبارة التي يستعملها الإعلام الرسمي يتنافى مع المبادىء المؤسسة للمجلس وأقلها مبدأ الحياد. وتابع في بلاغه، أن المجلس “تبرم من الحديث عن سياق التشميع الذي بدأ منذ 2006، و الذي واكبته حملات حقوقية وطنية ودولية انخرط فيها العديد من الشخصيات والمنظمات الحقوقية المشهود لها بالمصداقية، ونخص بالذكر منظمة هيومن رايتس ووتش التي كشفت في تقرير لها حجم التعسف الذي تورطت فيه السلطات المغربية إزاء هذه القضية، التي تجاهلها المجلس في تقاريره السابقة. كما أن إثارة قضية البيوت المشمعة بهذا الشكل الفج، ليؤكد بما لا يدع شكا محاولة المجلس توفير غطاء حقوقي لتلك القرارات السياسية التعسفية التي لا تستند إلى أي أساس قانوني”. واتهمت الهيئة مجلس بوعياش ب “التنصل من مسؤوليته تجاه القضية تحت ذريعة أنها معروضة على القضاء، وهذا ما يظهر اضطراب موقف المجلس، فتارة يقول بعدم قانونية الجماعة، وتارة يرمي بالمسؤولية على القضاء ليتهرب منها. إن هذا التنصل لا يعفي المجلس من مسؤوليته التي تمليها عليه اختصاصاته والتي لاحظناه يستعملها في نفس التقرير إزاء قضايا أخرى، مما يدل على ازدواجية في المعايير. إن المجلس بممارساته هذه يكون قد انحاز بشكل غير مسبوق إلى الإدارة والسلطات العمومية عوض القيام بواجبه كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان”.