كالعادة، نجح الفلسطينيون في الانتصار في معركة تحدٍ جديدة، من خلال تصنيع أجهزة تنفس صناعي، في ظل العجز الكبير الذي تعانيه المشافي من نقصان هذه المعدات، والتي يلزم توفر الكثير منها، ضمن خطط التعامل الطبية لمواجهة خطر فيروس "كورونا"، الذي يصيب بالأساس الجهاز التنفسي. وفي ظل النقص الهائل من هذه الأجهزة في المشافي الفلسطينية، ومشافي الكثير من دول العالم، بما فيها إسرائيل المتطورة تكنولوجياً، والتي طلبت من جهاز استخباراتها "الموساد" مساعدتها في الحصول على هذه الأجهزة من الخارج، تكمن عاملون متخصصون في جامعة فلسطينية في قطاع غزة من تصنيع هذه الأجهزة، وبتكلفة مالية قليلة جدا، في انتظار البدء بتصنيع كميات منها، لتوريدها للمشافي التي أعدت خططا للتعامل مع زيادة في عدد مصابي الفيروس، الذين يحتاج أن يتم وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي هذه. وأعلنت الجامعة الإسلامية في قطاع غزة المحاصر، عن تمكن اثنين من مهندسيها، من تصنيع جهاز تنفس صناعي بتكلفة مالية قليلة جدا، وذلك رغم قيود الحصار الإسرائيلي المشدد، والذي طال المستلزمات الطبية، رغم الجهود المبذولة لمواجهة خطر فيروس "كورونا". وجرى تصنيع الجهاز من خلال تصميم كل من المهندس إسماعيل أبو سخيلة، مدير المكتب الهندسي في الجامعة، والمهندس عصام خلف الله، رئيس قسم الصيانة العامة والأشغال بالمكتب الهندسي. ويقول المهندس أبو سخيلة، إن قلة عدد أجهزة التنفس الموجودة في قطاع غزة وبسبب الإمكانيات والحصار، هي من دعتهم إلى التفكير بتصميم ومحاكاة نموذج لأجهزة التنفس الصناعية في العالم وبالمواصفات المطلوبة، وباستخدام الأدوات المتوفرة في السوق، مشيرا إلى أن الجهاز يتميز بالبساطة، وتوافر القطع المصنعة للجهاز في السوق، وبسعر زهيد، بالإضافة إلى سهولة تصنيعه، وصيانته في المستقبل، منوها أن الجهاز سيقلل الضغط على الأجهزة التنفسية الصناعية المتوفرة في قطاع غزة. وتحدث المهندس أبو سخيلة أن فكرة جهاز التنفس الصناعي تتمثل في ضخ الهواء بكميات محددة إلى رئتي المريض إذا انتقلت إليه العدوى، نظرا لتوقف عضلات الصدر عن العمل عند الإصابة بالفيروس، موضحا أن آلية عمل الجهاز من خلال ضغط الهواء بطريقة ميكانيكية مع إمكانية تخفيف وزيادة كمية الهواء، ويقول إن الجهاز تم عرضه على بعض المستشفيات في القطاع، وتقييم عمله بالجيد حسب الحاجة له مع بعض الملاحظات. ويؤكد مصممو الجهاز أن تكلفته تبلغ حوالي 150 إلى 200 دولار، مؤكدين أن العمل متواصل لتطوير وتحسين حساسات الجهاز لحجم الهواء، وجهاز مركزي ليخدم الجهاز أكثر من مريض في المستشفى. لكن بالمجمل لا يمكن مقارنة الجهاز المصنع محليا وبإمكانيات بسيطة، بتلك الأجهزة المصنعة بمقاييس عالمية، غير أن إنتاجه جاء في إطار الحاجة لتأدية الغرض في هذه الفترة الطارئة. جدير ذكره، أن وزارة الصحة في غزة، أكدت وجود نقص حاد في أجهزة التنفس الصناعي اللازمة لعلاج مصابي الفيروس في غزة، من خلال توفر فقط 63 جهاز تنفس صناعي و78 سرير عناية مركزة، وهي بالكاد تلبي الاحتياج اليومي للمرضى، حيث أن نسبة إشغالها تصل إلى 72% بالمشافي، وأعلنت عن حاجتها سابقا ل100 جهاز تنفس و140 سرير عناية مركزة، لتحقيق الاستجابة الأولى لمواجهة الفيروس في حال التفشي، فيما أكد تقرير حقوقي أن نسبة عدد الأجهزة بالنسبة لعدد السكان في القطاع هي جهاز تنفس صناعي واحد لكل 33.333 نسمة. جدير ذكره أن وزير جيش الاحتلال نفتالي بينيت، ربط يوم الأربعاء أي مساعدة قد تقدم لدعم جهود قطاع غزة في مكافحة فيروس "كورونا" بمدى التقدم الذي تحرزه في محاولتها استعادة الجنديين الاسرائيليين الأسيرين لدى حركة حماس. وقال: "أعتقد أننا في حاجة للدخول في حوار موسع حول الحاجات الإنسانية لنا ولغزة. لا يصح فصل هذه الأمور عن بعضها… وبالتأكيد ستكون قلوبنا مفتوحة للكثير من الأمور".