لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ — فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ — مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ وهذه الدار لا تُبقي على أحد — ولا يدوم على حالٍ لها شان يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ — إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ — كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ — وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟ وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ — وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ؟ وأين ما حازه قارون من ذهب — وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟ أتى على الكُل أمر لا مَرد له — حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك — كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه — وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ — يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة — وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ وللحوادث سُلوان يسهلها — وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له — هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ — حتى خَلت منه أقطارٌ وبُلدانُ فاسأل(بلنسيةً) ما شأنُ(مُرسيةً) — وأينَ(شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ) وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم — من عالمٍ قد سما فيها له شانُ وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ — ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما — عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ تبكي الحنيفيةَ السمحاءُ من أسفٍ — كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ على ديار من الإسلام خالية — قد أقفرت ولها بالكفر عُمرانُ حيث المساجد قد صارت كنائسَ — مافيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ — حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ — إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ — أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟ تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها — وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً — كأنها في مجال السبقِ عقبانُ وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ — كأنها في ظلام النقع نيرانُ وراتعين وراء البحر في دعةٍ — لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ — فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟ كم يستغيث بنا المستضعفون وهم — قتلى وأسرى فما يهتز إنسان؟ لماذا التقاُطع في الإسلام بينكمُ — وأنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ ؟ ألا نفوسٌ أبَّياتٌ لها هممٌ — أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ — أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم — واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ — عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ — لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما — كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت — كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً — والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ — إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ