هو أحمد بن داود الدِّينوري الحنفي المعروف أيضا بأبي عبدالله بن على العشَّاب، مجهول المولد معلوم الممات. ولد في دينَوَر من مدن إقليم همذان، وقضى بها معظم حياته، وكان من علماء المسلمين الذين يهوون الترحال، فزار الكثير من المدن والبلدان العربية، كالمدينة المنورة وبغداد وفلسطين، وبقي في كل منها ردحاً من الزمن. كما اهتم كذلك الدينوري بالعلوم النحوية واللغوية وكذلك علوم الهندسة والفلك التي تلقاها على يد مجموعة من العلماء البصريين والكوفيين ، وكان راوية للحديث ثقة فيما يرويه، وهو من أصل كردي والملقب بشيخ علماء النبات، ألف كتاب الأنواء في الفلك والحساب والطقس، وكذلك كتاب النبات الذي رتب فيه النباتات على حروف المعجم، وأهتم بكل ما قيل فيها نثرا وشعرا حتى أواخر القرن الثالث هجري. وكان منهجه في تأليف كتابه يعتمد على وصف بضع مئات من النباتات التي رآها بنفسه، أو سمع عنها من الأعراب الثقات، وأضاف الدينوري إلى ما نقل عن زياسقوريذوس العالم الإغريقي الذي اشتهر بمعرفته بالنباتات الطبية إضافات أساسية، وأصبح بذلك عمدة الأطباء والعشابين، ونقلت عنه أكبر كتب الصيدلة كمفردات الأدوية لابن البيطار. اعتبره أبو حيَّان التوحيدي، وهو من اتصف بالعدل والإنصاف، ثالث ثلاثة تتيه بهم الحضارة العربية وتزهو عندما تفاخر بعمالقتها من علماء العلوم وهم: أبو عثمان الجاحظ، وأبو زيد البلخي، وأبو حنيفة الدينوري. فهو عنده (من نوادر الرجال، جمع بين حكمة الفلاسفة ودقة العلماء، وله في كل فنٍ قدم وساق). وهو عند مصطفى الشكعة في كتابه (معالم الحضارة الإسلامية): (جمع بين شريعة الفقيه، وبيان العربي، وحكمة الفيلسوف، وفن المهندس، وشمولية الجغرافي، وثقافة المؤرِّخ، وأوابد اللغوي). ويرى أحمد عيسى بك في كتابه (تاريخ النبات عند العرب) أن أبا حنيفة الدينوري كان (نحوياً، لغوياً، مهندساً، منجِّماً، حاسباً، راويةً، ثقة، من نوادر الرجال)!.وهو بالإجماع أول عربي يؤلف في علم النباتات وله في هذا العلم مؤلفات كثيرة وهو ذو شهرة وصيت كبير في العالم الإسلامي و الغربي معا . وقد عكف الدينوري على التأليف ،فأخرج إنتاجاً ضخماً في مختلف المعارف، اتسم بسعة الأفق وعمق التفكير ليس في علم النبات فحسب وإنما في علومٍ أخرى كثيرة. ومن أهم مؤلَّفاته: كتاب النبات، زيج أبي حنيفة، كتاب الجبر والمقابلة، كتاب القبلة الزوال، كتاب الكسوف، كتاب الفصاحة، كتاب الأنواء، كتاب البلدان، كتاب تفسير القرآن الكريم (13 مجلداً!)، كتاب الوصايا، كتاب البحث في حساب الهند، إلخ.